الخطابة فن كيف تكسب الثقة وتؤثر في الناس - دايل كارنيجي.pdf

في هذا الكتاب حاول كارنيجي أن يساعد القارئ على تخطي عقبة الخوف من مواجهة الجمهور، وذلك بالتحضير الجيد للكلمة أو الخطاب، وضرب أمثلة لهؤلاء الذين أصبحوا خطباء، وكيف حضر أشهر خطباء عصرهم. كما دعا كل شخص يرغب أن يكون خطيباً بأن يعمل على تنمية ذاكرته، موضحاً العناصر الأساسية للخطاب الناجح، وأسرار الإلقاء الناجح، وكيف يمكن اتساع الخطاب أو إطالة، وكيف تغتنم، وكيف تجعل عرضك واضحاً، وكيف تحمس جمهورك، وكيف تحسن أسلوبك، إنما دعوة للارتقاء بالقدرات الإنسانية.

ومن المعلوم أن الخطبة التي يلقيها أي خطيب في أي موضوع، ومنذ أيام أرسطو، وإلى اليوم تنقسم إلى ثلاثة أقسام: المقدمة، المتن أو الموضوع، والخاتمة.

والمقدمة الجيدة يجب أن تكون ممثلة كالمربية التي يجرها حصان واحد، تسبق الخطبة برواية أخبار ومسليّة، لكن الأشياء تتغير جذرياً، فاليوم أصبح العالم أكثر تطوراً وتقدماً، وعلى الخطيب أن يدرك ما حدث من تغيرات ويتكيف معها.

كذلك يؤكد على أهمية أن يتمتع الخطيب بذاكرة قوية فذلك يفيده خصوصا حينما يضطر إلى الارتجال ويضرب أمثلة عديدة منها أن أبراهام لنكولن اتبع عادة لازمته طيلة حياته وهي أنه كان يقرأ بصوت مرتفع دائما كل ما يرغب في أن يتذكره و كان يجلس على كرسيه الضخم ويمدد قدميه على كرسي آخر ويقرأ الصحيفة بصوت مرتفع وقد قال له أحد أصدقائه قائلا: لقد أزعجتني فوق الحدود، لماذا تقرأ بهذا الشكل؟... فأجاب: عندما أقرأ بصوت عال فإن حاستين تلتقطان الفكرة أولا: أرى ما أقرأ، وثانيا: أسمعه، لذلك يمكنني أن أتذكر ما أقرأه بشكل أفضل، وكان يقول: إن ذهني كقطعة من الفولاذ من الصعب أن تحفر أي شيء عليها، لكن من المستحيل بعد أن تحفر شيئا أن تمحوه.وهنا يضيف كارينجي إن الشيء المثالي ليس في أن ترى وتسمع الشيء الذي ترغب في تذكره لكن أيضا في لمسه وتذوقه، والحقيقة المؤكدة هي أننا نميل إلى المشاهدة وتلتصق بأذهاننا الانطباعات العينية، وغالبا ما نستطيع أن نتذكر وجه الرجل - مع أننا لا نستطيع أن نتذكر اسمه. ويذكر هنا طريقتين تستطيع من خلالهما أن تتذكر الأشياء:

أولا: بواسطة دافع خارجي، وثانياً بربط الشيء بشيء موجود في الذهن من قبل، ويعني ذلك بالنسبة للخطب أن باستطاعتك أن تتذكر نقاطها بمساعدة دافع خارجى كالملاحظات، ويمكنك أن تنتظم في تسلسل منطقى بحيث تؤدى النقطة الأولى إلى النقطة الثانية، والثانية إلى الثالثة وهكذا.. بشكل طبيعي ولكن إنك في خطبه ما وجدت نفسك خالي الذهن ماذا تفعل؟... توقف برهة لالتقاط الفكرة التالية ثم واصل خطابك ...أما عن الخطيب نفسه فتذكر فصول الخطاب نصائح هامة جدا لذا تأتي في الكتاب بصيغة أفعال أمر ومنها " اعرف تماماً ما الذي ستتحدث بشأنه" فلا تستطيع أن تواجه مستمعيك بثقة إلا بعد أن تفكر مليا وتخطط لحديثك وتعرف ما الذي ستقوله لأنك إن لم تفعل ذلك لن تقنع من يسمعك.

ومنها أيضا " تصرف بثقة فلن يثق فيك المستمع" إن لم يستشعر ثقتك بنفسك، وكسب الثقة يحتاج التدريب، وأحد أفعال الأمر التي يركز عليها ويكررها كارينجي " تدرب... تدرب... تدرب" فإن أول وآخر طريقة فعالة لتوليد الثقة بالنفس هي فن الخطابة - وهي أن تقف وتخطب ويختصر الأمر كله بكلمة أساسية هي ( تدرب ) التي من دونها لن تتوصل إلى أي شيء.

وهناك نصائح وأمثلة كثيرة يمتلىء بها الكتاب، كذلك يضع المؤلف أمام قارئه خططا كثيرة لإعداد خطب جيدة ولتحديد طريقة الإلقاء الأكثر تأثيرا في نفس المستمع، وكلها مدعومة بأمثلة عملية، ولعل تلك الأمثلة مع جاذبية العرض وبساطة التعبير هي ما تجعل كتب كارينجي صالحة للتداول ومستديمة النفع فيظل القراء مقبلين عليها مهما مرت السنوات على رحيل كاتبها .حازم عوض