📁 آخر الأخبار

تحميل كتاب إعادة البناء في الفلسفة (جون ديوي) PDF | تحليل الثورة البراغماتية

تحميل كتاب إعادة البناء في الفلسفة (جون ديوي) PDF | تحليل الثورة البراغماتية

​📜 مقدمة: لماذا تحتاج الفلسفة إلى "إعادة بناء"؟

​في تاريخ الفكر الإنساني، قلة من الكتب تمتلك الجرأة التي يحملها كتاب "إعادة البناء في الفلسفة" (Reconstruction in Philosophy) للفيلسوف الأمريكي وأحد أعمدة البراغماتية جون ديوي (John Dewey).

​هذا الكتاب ليس مجرد إضافة للمكتبة الفلسفية؛ إنه "مانيفستو" ثوري يدعو صراحة إلى هدم الصرح القديم للفلسفة التقليدية، التي رأى ديوي أنها أصبحت "متحفية" ومنعزلة عن هموم الحياة الحقيقية.

​يعرض هذا الكتاب لنشأة المفاهيم الفلسفية، ليس كحقائق أزلية هبطت من السماء، بل كـ "منتجات" ثقافية تأثرت بالعوامل الاجتماعية والسياسية والعلمية في عصرها. ومن هنا، يطرح ديوي أطروحته المركزية: إذا كانت هذه المفاهيم قديمة ووليدة ظروف لم تعد موجودة، فيجب علينا "إعادة بنائها" لتلائم عصرنا.

​لقد حان الوقت، كما يجادل ديوي، لتتحول مهمة الفلسفة من التأمل السلبي في "الكيانات الثابتة" والبحث عن "الحقيقة المطلقة"، إلى "الكشف عن معانى خبراتنا اليومية ومشكلاتنا العملية".


كتاب إعادة البناء في الفلسفة - جون ديوي
غلاف كتاب إعادة البناء في الفلسفة - جون ديوي.

​في هذا المقال الشامل، سنغوص في عمق هذا المشروع الثوري، ونحلل كيف سعى ديوي لإلغاء الثنائيات الكبرى، واستبدال "العقل" بـ "الذكاء"، و"الماضي" بـ "المستقبل"، وجعل الفلسفة أداة في خدمة الديمقراطية والحياة.

​⬇️ تحميل كتاب "إعادة البناء في الفلسفة" - جون ديوي (النسخة الكاملة PDF)

​قبل أن نبدأ رحلتنا التحليلية في هذا العمل التأسيسي، نضع بين يدي الباحثين والطلاب والمهتمين بالفلسفة البراغماتية رابط التحميل المباشر للكتاب.

📚 لتحميل كتاب "إعادة البناء في الفلسفة" - جون ديوي (النسخة الكاملة PDF):

[📥 اضغط هنااااااااا]

​🏛️ الفصل الأول: المشكلة - ما هي الفلسفة التي يهاجمها ديوي؟

​لفهم "إعادة البناء"، يجب أولاً أن نفهم "البناء" الذي يريد ديوي هدمه. يوجه ديوي نقده اللاذع إلى الفلسفة الغربية التقليدية، منذ أفلاطون وأرسطو وصولاً إلى ديكارت وكانط.

​يرى ديوي أن هذه الفلسفة القديمة ارتكبت "خطيئة أصلية":

  1. السعي وراء "اليقين المطلق": نشأت الفلسفة، حسب ديوي، من "خوف" الإنسان من المجهول والتغير. لذلك، اخترع الفلاسفة "عالمًا آخر" - عالم "المُثُل" (أفلاطون) أو "العقل الخالص" (ديكارت) أو "المحرك الذي لا يتحرك" (أرسطو) - ليكون ملجأً لهم من فوضى الواقع.
  2. الفيلسوف كـ "متفرج": الفيلسوف التقليدي هو "متفرج" (Spectator) يجلس في برجه العاجي يتأمل "الحقائق الأزلية" و"الكيانات الثابتة"، بدلاً من أن يكون "مشاركاً" في حل مشكلات عصره.
  3. فلسفة "وصف الماضي": كانت الفلسفة دائماً تنظر إلى الوراء، تحاول تبرير ما هو "كائن" أو ما "كان"، بدلاً من أن تكون أداة "لتصور المستقبل" وصنعه.

​هذا المنهج، حسب ديوي، أدى إلى خلق "ثنائيات" (Dualisms) كارثية شلت الفكر والحياة لقرون.

​✂️ الفصل الثاني: إلغاء الثنائيات (المرض الأكبر للفلسفة)

​يرى ديوي أن الفلسفة التقليدية قسمت العالم بشكل مصطنع إلى أجزاء متناقضة لا تلتقي. وجاء مشروع "إعادة البناء" ليعلن "إلغاء الفصل بين المثالى والواقعي، والذات والموضوع، والنظرى والعملي، والوسائل والغايات، والكلى والجزئي".

​لماذا هذا الإلغاء ضروري؟

​1. إلغاء الفصل بين "النظري" و "العملي" (Theory vs. Practice)

  • المشكلة: الفلسفة القديمة احتقرت "العملي" (العمل اليدوي، التجارة، السياسة) واعتبرته أدنى مرتبة، بينما مجّدت "النظري" (التأمل الخالص) واعتبرته النشاط الأسمى.
  • النتيجة: أدى هذا إلى خلق مجتمع منقسم: "نخبة" مثقفة منعزلة لا تعرف كيف تعمل الأشياء، و "جماهير" عاملة تنفذ دون تفكير.
  • إعادة البناء: يصر ديوي على أن "النظرية" الحقيقية لا تولد إلا من رحم "الممارسة العملية". الفكر هو أداة لحل مشاكل العمل.

​2. إلغاء الفصل بين "الذات" و "الموضوع" (Mind vs. World)

  • المشكلة: منذ ديكارت ("أنا أفكر، إذن أنا موجود")، انشغلت الفلسفة بكيفية "توصيل" العقل المنعزل (الذات) بالعالم الخارجي (الموضوع).
  • إعادة البناء: يرى ديوي أن هذه "مشكلة زائفة". لا يوجد "عقل" منعزل أولاً ثم "عالم" ثانياً. الإنسان (الذات) هو "كائن حي" (Organism) موجود "في" بيئته (الموضوع) ويتفاعل معها باستمرار. الفكر ليس شيئاً "داخل" رؤوسنا، بل هو "عملية" (Process) تفاعل مع البيئة لحل مشكلة.

​3. إلغاء الفصل بين "العلم" و "الأخلاق" (Fact vs. Value)

  • المشكلة: الفلسفة الحديثة فصلت بين "العلم" (الذي يصف "ما هو كائن" بموضوعية) و "الأخلاق" (التي تصف "ما يجب أن يكون" بذاتية).
  • إعادة البناء: يرفض ديوي هذا. العلم ليس مجرد وصف بارد، إنه نشاط إنساني محمل "بالقيم" و"العواطف". كما أن الأخلاق ليست مجرد "أوامر" ذاتية، بل يجب أن تخضع "للتجريب" العلمي. وكما جاء في الملخص، في فلسفة ديوي: "تتداخل العاطفة مع العلم، والذكاء مع الوجدان، أو الممارسة العملية مع الخيال".

​🛠️ الفصل الثالث: المنهج الجديد - "البراغماتية" كأداة للعمل

​إذا كانت الفلسفة القديمة "سيئة"، فما هو البديل؟ يقدم ديوي بديلاً منهجياً كاملاً، يغير فيه أدوات الفيلسوف. إنه يستبدل المفاهيم القديمة بمفاهيم جديدة مستمدة من "المنهج العلمي":

​1. استبدال "العقل" (Reason) بـ "الذكاء" (Intelligence)

  • العقل (القديم): هو ملكة ثابتة ومطلقة، وظيفتها "تأمل" الحقائق الأزلية.
  • الذكاء (الجديد): هو أداة "براغماتية" (Pragmatic)، مرنة، ومتطورة. وظيفته ليست "تأمل" الحقيقة، بل "حل المشكلات" التي تواجه الكائن الحي في بيئته. "الذكاء" هو أداة "للتنبؤ" بالمستقبل والتحكم فيه.

​2. استبدال "الخبرة" (Experience) بـ "التجريب" (Experimentation)

  • الخبرة (القديمة): كانت تعني "التلقي السلبي" لانطباعات الحواس. كانت تنظر إلى "الماضي" (ما اختبرناه).
  • التجريب (الجديد): هو "فعل نشط" (Active Doing). نحن لا ننتظر الخبرة لتأتي إلينا، بل "نصنع" الخبرة. نحن "نجرب". التجريب هو أن نغير شيئاً في الواقع لنرى ما سيحدث، ونتعلم من العواقب.

​3. استبدال "وصف الماضي" بـ "الفرض" (Hypothesis)

  • الفلسفة القديمة: كانت مهووسة بـ "الأصول" و "الكيانات الثابتة" الموروثة من الماضي.
  • الفلسفة الجديدة (البراغماتية): هي فلسفة "موجهة نحو المستقبل" (Future-Oriented). الأفكار ليست "صحيحة" لأنها تطابق الماضي، بل هي "فرضيات" نقترحها لحل مشكلة حالية.
  • الحقيقة عند ديوي (Instrumentalism): "الحقيقة" ليست شيئاً نكتشفه، بل هي شيء "نصنعه". الفكرة "الحقيقية" هي الفكرة التي "تنجح" (Works) عندما نطبقها، الفكرة التي تحل المشكلة. الفكر هو "أداة" (Instrument).

​🌍 الفصل الرابع: الغاية - الفرد الديمقراطي والمجتمع الخلاق

​ما هي غاية كل هذا "الهدم" و "إعادة البناء"؟ الغاية ليست مجرد "فلسفة أفضل"، بل "حياة أفضل".

​1. الفرد كـ "عملية تخليق"

​يرفض ديوي فكرة الفرد كـ "جوهر ثابت". أنت لست "معطى" (Given) انتهى تكوينك.

بل "يتحول الفرد من كيان ثابت 'معطى' إلى عملية 'تخلق'".

"الذات" (Self) عند ديوي هي شيء "يُبنى" باستمرار من خلال التفاعل مع المشكلات والتجارب الاجتماعية. أنت "تخلق" نفسك كل يوم من خلال اختياراتك وأفعالك.

​2. المجتمع كـ "نظام للحرية"

​يرفض ديوي الصراع التقليدي بين "الفرد" و "المجتمع".

في الفلسفة القديمة، إما أن يضحي الفرد بحريته من أجل "المجتمع" (الشمولية)، أو يدمر "المجتمع" من أجل حريته (الفردية الأنانية).

​في رؤية ديوي المعاد بناؤها، "يصبح المجتمع نظاماً يحقق للفرد حريته".

"الحرية" عند ديوي ليست "التحرر من" القيود، بل هي "القدرة على" النمو والتطور. والمجتمع الجيد هو الذي يوفر الأدوات (التعليم، الصحة، المشاركة) التي تمكن أفراده من تحقيق أقصى إمكاناتهم.

​3. الديمقراطية كـ "أسلوب حياة"

​وهنا نصل إلى قلب فلسفة ديوي. "الديمقراطية" ليست مجرد نظام سياسي (صناديق اقتراع)، بل هي "أسلوب حياة" أخلاقي وعلمي.

  • الديمقراطية كـ "علم": المجتمع الديمقراطي هو "مختبر" كبير. إنه المجتمع الذي يحل مشاكله ليس بالعنف أو العقائد الثابتة، بل بـ "التجريب" و "النقاش" و "الذكاء" الجماعي.
  • الديمقراطية كـ "أخلاق": هي الإيمان بأن كل فرد لديه القدرة على "المساهمة" في هذا الحوار.
  • ​لذلك، "النظام الديمقراطي" هو "حافز لانطلاق طاقات [الفرد] الخلاقة". إنه البيئة الوحيدة التي تتيح "لعملية التخليق" الفردية أن تزدهر بحرية.

​خاتمة: الإرث الدائم لـ "إعادة البناء"

​إن كتاب "إعادة البناء في الفلسفة" لجون ديوي هو دعوة خالدة لإنقاذ الفلسفة من عزلتها الأكاديمية. إنه يطالب الفلاسفة بالتوقف عن كونهم "متفرجين" والنزول إلى "الميدان" كـ "مشاركين" في حل مشكلات عصرهم.

​لقد نجح ديوي في تقديم رؤية تكون فيها الفلسفة والعلوم والديمقراطية أدوات متكاملة لغاية واحدة: تحسين الخبرة الإنسانية اليومية.

​في عالمنا اليوم، المليء بالانقسامات الأيديولوجية، والأزمات البيئية، والتحديات التكنولوجية، تبدو دعوة ديوي للعودة إلى "المشكلات العملية"، واستخدام "الذكاء التجريبي"، والتمسك بـ "الحوار الديمقراطي" كأدوات لإعادة بناء عالمنا، أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

كتب ذات صلة 


تعليقات