سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية.pdf

و يتميز هذا السلوك بالنمو التلقائي للمعايير و أشكال التنظيم التي تسعى لإعادة تنظيم المجتمع.

و يرتبط هذا التطور بنشوء حالة من القلق الاجتماعي التي تنطوي على شعور بالتبرم بسبب اختلال أنماط الحياة ، و بما يولد حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي ، و قد يكون ذلك سبباً في شعور بعض الجماعات بالقلق الاجتماعي لأسباب دينية أو اقتصادية أو أي أسباب اجتماعية أخرى. هذا القلق الاجتماعي قد يعبر عن نفسه في صورة سلوك عشوائي غير منظم أو ربما يقود إلى نشوء حركات اجتماعية تدفع إلى مزيد من الإثارة الجماعية التي تدافع الأفراد إلى العمل بشكل جماعي بصورة تلقائية المواجهة هذا القلق وصياغة نموذج معين للسلوك ، مما يمكن أن ينطوي على نوع من الوعي الذاتي لدى الجماعة و يميزها عن أنماط القيم الأخرى السائدة في المجتمع، ومع انتشار حالة الإثارة الجماعية فإن الحركة الاجتماعية تنمو عن طريق ظاهرة العدوى الاجتماعية و جذب آخرين للجماعة ممن يقنعهم النموذج أو السلوك الجديد و يشير عالم الاجتماع الأمريكي هربرت إلى أهمية القلق الاجتماعي باعتباره المدخل الأول لتحطيم الأنماط ونماذج السلوك الاجتماعي السائدة ، و هو ما يمهد الطريق لظهور فعل جماعي جديد يتبلور في صورة أشكال من الحركات الاجتماعية التي تبدأ غير منظمة ثم تصل إلى مراحل متقدمة من التنظيم، وتكون بالتالي الحركة الاجتماعية وليدة للتغيرات التي يمر بها المجتمع و تتراكم عبر فترة من الزمــــــــــــــــــــــــــن.

يمكن تعريف الحركة الاجتماعية le mouvement social بأنها "ذلك الجهد الموحد و المتصل الذي تقوم به مجموعة من الأفراد لتحقيق غاية معينة أو مجموعة أهداف مشتركة بين أعضائها، وقد يكون معناها أكثر تحديداً ليدل على الجهد الذي يتجه نحو تعديل أو استبدال أو هدم نظام اجتماعي قائم" و من بين أشهر المحاولات لتعريف و تحديد مفهوم الحركات الاجتماعية يمكن ذكر محاولـــــــــــة لورانز فان شتاين lorenz ven steinفي كتابه الشهير تاريخ الحركة الاجتماعية في فرنسا من 1789 على 1850 الذي تم نشره لأول مرة سنة 1850 أين استخدم مفهوم الحركة الاجتماعية للإشارة إلى محاولات البروليتاريا اكتساب القوة الاقتصادية و السياسية ، متفقا في ذلك و إلى حد كبير مع كارل ماركس.

كما قدم بليمر blumer تعريفا للحركات الاجتماعية جاء فيه أنها عبارة عن مشروع جماعي التثبيت دعائم نظام جديد في الحياة ، و هي تعبر أساساً عن حالة من القلق ، و تستمد بواعث قوتها من عدم الرضا عن الحالة السائدة ، و من الرغبات و الآمال التي تصبو إلى تحقيق نظام جديد، و كلما نمت الحركة الاجتماعية اكتسبت شكلاً أكثر تنظيماً و اتسمت بتقاليد مميزة ، كما تتميز بقيادات مستف و تندرج في الوظائف و تتحدد قيمها و قواعدها الاجتماعية أكثر.