تحميل كتاب اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة: التلقي والتمثلات (د. حسن كزار) pdf | المراجعة الشاملة
حمّل pdf "اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة" للدكتور حسن كزار. مراجعة شاملة ترصد تلقي وتمثلات اللسانيات الاجتماعية في الفكر العربي كرد فعل على البنيوية وتقييم مسارها.
(مقدمة: من "البنية" الجامدة إلى "اللغة" الحية في المجتمع)
شكلت اللسانيات العامة (General Linguistics)، بثورتها البنيوية التي قادها فردينان دو سوسير في مطلع القرن العشرين، إحدى العلامات الفارقة التي ميزت هذا القرن عن سابقيه. لقد قدمت منهجاً علمياً صارماً لدراسة اللغة كنظام مجرد من العلامات والعلاقات الداخلية. لكن هذا التركيز الحصري على "البنية" الداخلية للغة، بمعزل عن سياقها الاجتماعي والثقافي والتاريخي، سرعان ما كشف عن حدوده.
من رحم هذا "القصور" المنهجي، وكردة فعل نقدية، ولدت اللسانيات الاجتماعية (Sociolinguistics). هذا الاتجاه الحديث لم يعد ينظر إلى اللغة كـ "بنية" صماء ومغلقة، بل كـ "ممارسة" حية ومتغيرة، تتشكل وتتشكل بفعل العوامل الاجتماعية: الطبقة، الجنس، العمر، الهوية، السلطة.
كيف تلقى الدرس اللساني العربي الحديث هذا التحول الهام في الفكر اللساني العالمي؟ وكيف تمثّله في دراساته للغة العربية؟ هذه هي الأسئلة المحورية التي يتصدى لها الدكتور حسن كزار في كتابه المرجعي "اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة: التلقي والتمثلات".
![]() |
| غلاف كتاب اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة التلقي والتمثلات. |
في هذه المراجعة الشاملة، لن نقدم لك فقط رابط تحميل كتاب اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة pdf، بل سنغوص في السياق الفكري لنشأة هذا العلم، ونستكشف كيف انتقلت اللسانيات "من الثابت إلى المتحول"، ونحلل مشروع الكتاب في "مراقبة" وتقويم مسار هذا الفرع الحيوي في اللسانيات العربية.
تحميل كتاب اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة التلقي والتمثلات.pdf (د. حسن كزار)
للباحثين، وطلاب الدراسات العليا في اللسانيات، وعلم الاجتماع اللغوي، وكل مهتم بتقاطع اللغة والمجتمع في السياق العربي، يُعد هذا الكتاب دراسة نقدية وتأريخية لا غنى عنها.
[تحميل الكتاب PDF - اضغط هنااااااااا]
السياق: ثورة اللسانيات العامة وحدودها
لفهم أهمية "اللسانيات الاجتماعية"، يجب أن نفهم أولاً ما الذي جاءت "لتتجاوزه".
-
ثورة سوسير (البنيوية):
- قبل سوسير، كانت دراسة اللغة تاريخية ومقارنة بشكل أساسي.
- جاء سوسير ليقول: يجب دراسة اللغة "في ذاتها ومن أجل ذاتها" كنظام متزامن (Synchronic).
- ركز على "اللغة" (Langue) كنظام مجرد ومشترك، وأهمل "الكلام" (Parole) كفعل فردي وعرضي.
- هذا المنهج حقق "علمية" لدراسة اللغة، لكنه أغلق الباب أمام دراسة "الاستخدام" الفعلي للغة في سياقاتها الحقيقية.
- هيمنة البنيوية وما بعدها: سادت البنيوية (بأشكالها المختلفة، بما فيها التوزيعية الأمريكية والوظيفية الأوروبية) لفترة طويلة. حتى المدارس التي جاءت بعدها (مثل التوليدية التحويلية لتشومسكي) ظلت تركز بشكل كبير على "الكفاءة" (Competence) اللغوية المجردة، مهمشة "الأداء" (Performance) الفعلي.
المشكلة: أصبحت اللسانيات تدرس "لغة مثالية" يتحدثها "متكلم-مستمع مثالي" في "مجتمع متجانس"، وهو وضع لا وجود له في الواقع!
ولادة اللسانيات الاجتماعية: ردة الفعل الضرورية
من هذا الشعور بـ "عدم الواقعية"، ظهرت اللسانيات الاجتماعية كـ "ردة فعل" قوية، كما يوضح د. كزار.
الفكرة الجوهرية: لا يمكن فهم اللغة حقاً إلا بربطها بـ "البنية الخارجية للغة". اللغة ليست مجرد "نظام" مجرد، بل هي "ظاهرة اجتماعية" بامتياز.
- رواد المؤسسون: (مثل ويليام لابوف، ديل هايمز، باسل برنشتاين). بدأوا في دراسة "كيف" يتحدث الناس "فعلياً" في مجتمعاتهم، ولاحظوا أن هذا الاستخدام يختلف بشكل منهجي بناءً على عوامل اجتماعية.
- القطيعة المنهجية: اللسانيات الاجتماعية رفضت الفصل السوسيري بين "اللغة" و"الكلام". هي تدرس "الكلام" (الأداء الفعلي) ليس كشيء "عشوائي"، بل كشيء "منظم اجتماعياً".
- الحوار مع علم الاجتماع: كما يؤكد الكتاب، كان "عقد محاورة مفتوحة مع العلوم الأخرى"، وعلى رأسها علم الاجتماع، هو مفتاح ولادة هذا الاتجاه. لقد استعارت اللسانيات الاجتماعية مفاهيم وأدوات من علم الاجتماع (مثل الطبقة، الشبكة الاجتماعية، الهوية) لتحليل التنوع اللغوي.
نقلة نوعية في فهم اللغة: من الثابت إلى المتحول
يصف د. كزار ببراعة التحول الذي أحدثته اللسانيات الاجتماعية:
-
من الثابت إلى المتحول:
- النظرة القديمة (البنيوية): اللغة كنظام "ثابت" ومستقر (Synchronic).
- النظرة الجديدة (الاجتماعية): اللغة كائن "حي" يتغير ويتحول باستمرار (Diachronic and variationist) بتأثير العوامل الاجتماعية. (دراسة التغير اللغوي، اللهجات الاجتماعية).
-
من الصامت إلى الناطق:
- النظرة القديمة: التركيز على "القواعد" المجردة والصامتة للنظام.
- النظرة الجديدة: التركيز على "المتكلم" الفعلي، كيف يستخدم اللغة، كيف يتفاوض على المعنى، كيف يعبر عن هويته من خلال لغته.
-
من المنظم إلى المتنظم:
- النظرة القديمة: اللغة كـ "نظام مُنظَم" (Ordered System) تفرضه البنية.
- النظرة الجديدة: اللغة كـ "فعل مُتَنظِم" (Ordering Practice) يشارك فيه المتكلمون بفاعلية. نحن لا "نتبع" القواعد فقط، بل "نصنعها" و"نغيرها" من خلال استخدامنا اليومي.
النتيجة: اعتراف بـ "حاجة الدرس اللغوي إلى تلك الرؤية الخارجية التي تمنحه تكاملاً". لا يمكن فهم اللغة بالنظر "داخل" النظام فقط، بل يجب النظر "خارجه" أيضاً، إلى المجتمع والثقافة والتاريخ والسلطة.
تلقي اللسانيات العربية: الاستقبال والتجليات
لم تكن "بوادر الدراسات اللسانية العربية بعيدة عن هذا التطور". يوضح الكتاب أن اللسانيين العرب أظهروا "استقبالاً" لهذا الاتجاه الجديد.
-
التجليات الأولى: بدأت تظهر دراسات عربية تتجاوز التحليل البنيوي الصرف (النحو، الصرف، الدلالة المعجمية) لتهتم بـ:
- اللهجات العربية: دراستها ليس فقط كـ "انحراف" عن الفصحى، بل كأنظمة لغوية حية تعكس تنوعاً اجتماعياً وجغرافياً.
- الازدواجية اللغوية (Diglossia): العلاقة المعقدة بين الفصحى والعاميات في الواقع العربي.
- لغة المرأة والرجل.
- لغة وسائل الإعلام.
- السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي.
- التبني والمعالجة: أصبح يُنظر إلى اللسانيات الاجتماعية كـ "فرع من فروع النظرية اللسانية الوافدة" يستحق الدراسة والتطبيق على اللغة العربية.
مشروع الكتاب: المراقبة والتقويم
هنا يكمن الهدف الأساسي لدراسة الدكتور حسن كزار. الكتاب ليس مجرد "عرض" للسانيات الاجتماعية، بل هو "دراسة نقدية" تقع في إطار "مشروع لساني أوسع يرمي إلى مراقبة اللسانيات العربية".
- المشروعية: هذا المشروع يستمد مشروعيته من "سنن المراجعة والتقويم". أي علم لا يراجع نفسه ويقيم مساره يصاب بالجمود.
-
الهدف:
- رصد المسار والمحطات: تتبع "تاريخ" دخول اللسانيات الاجتماعية إلى الفكر العربي، ومن هم روادها، وما هي أهم الدراسات التي أُنجزت.
- الكشف عن "وصف دقيق" لوضعه: كيف تم "فهم" (التلقي) اللسانيات الاجتماعية؟ وكيف تم "تطبيقها" (التمثلات) على اللغة العربية؟ هل كان التلقي فهماً عميقاً أم مجرد استعارة سطحية للمصطلحات؟ هل كانت التمثلات تطبيقاً آلياً لنماذج غربية أم محاولة لتطوير نماذج تناسب خصوصية الوضع اللغوي العربي؟
- الغاية النهائية: تقويم هذا المسار، وتحديد "إشكالاته وعوائقه"، بهدف "تنظيمه" وضمان "درس لساني يوازي نظيره الغربي، ويعالج اللغة العربية نظراً وتطبيقاً".
أهمية الدراسة: لماذا نحتاج لمراقبة اللسانيات العربية؟
دراسة د. كزار ليست مجرد "تأريخ"، بل هي "ضرورة" لعدة أسباب:
- ضمان الأصالة والعمق: التأكد من أن "التلقي" لم يكن مجرد "تقليد" شكلي، بل "حوار" نقدي وتفاعل خلاق مع النظرية الوافدة.
- ملاءمة النظرية للسياق العربي: اللغة العربية لها "خصوصيتها" (مثل الازدواجية اللغوية الحادة). هل نجحت الدراسات العربية في "تطويع" مفاهيم اللسانيات الاجتماعية (التي نشأت في سياقات غربية) لتناسب هذا الواقع، أم أنها فرضت قوالب جاهزة؟
- تطوير نماذج تحليل محلية: هل استطاع اللسانيون العرب، بناءً على هذا التلقي، أن يطوروا "نماذج تحليل" خاصة بهم تنبع من طبيعة اللغة والمجتمع العربي؟
- ربط النظرية بالتطبيق: تقييم مدى نجاح هذه الدراسات في الانتقال من "النظر" (تحليل الظواهر) إلى "التطبيق" (مثل المساهمة في السياسات اللغوية، أو تطوير طرق تعليم اللغة).
خاتمة: نحو لسانيات عربية نقدية ومتجذرة
يمثل كتاب "اللسانيات الإجتماعية في الدراسات العربية الحديثة: التلقي والتمثلات" للدكتور حسن كزار مساهمة قيمة في "المشروع النقدي" الأوسع الذي يسعى لمراجعة وتقويم مسار اللسانيات العربية.
إنه لا يقدم فقط تعريفاً واضحاً للسانيات الاجتماعية وأهميتها كثورة على البنيوية، بل يتخذ خطوة أبعد ليحلل "كيف" استقبل العقل اللساني العربي هذه الثورة وكيف تفاعل معها.
الكتاب هو دعوة للباحثين العرب لعدم الاكتفاء بـ "استهلاك" النظريات الوافدة، بل للمشاركة بفاعلية في "إنتاج" معرفة لسانية أصيلة، قادرة على فهم تعقيدات لغتنا ومجتمعاتنا، والمساهمة في تطويرها.
كتب ذات صلة (قد تهمك أيضاً):
