تحميل كتاب علم اجتماع الشباب.pdf

تضاعف الاهتمام بقضايا الشباب في المجتمعات الإنسانية المعاصرة، لما بات يشهده عالم اليوم من تغيرات واسعة النطاق شملت كل مظاهر الحياة من حيث عمقها واتجاهاتها، ونتائجها ؛ فهو يعيش على إيقاع تحولات عميقة وجذرية مست جميع مجالات الحياة الفردية والجماعية، وإن كان ذلك لا يعني أنه لم يكن ثمة اهتمام بالشباب قديماً، بل حظي الدور الذي يقوم به الشباب في المجتمع منذ القدم بعناية فائقة غير أن الشيء الملاحظ هو ما أصبح يتميز به الشباب من موقف حاسم يتسم بالتأثير في كافة نظم المجتمع المعاصر حديثة وتقليده وإن بدرجات متفاوتة، بحيث أصبح الانشغال بقضايا الشباب يعبر عن الاهتمام بمستقبل المجتمع الإنساني ككل، وتحقيق آفاق التنمية في كافة مجالات وقطاعات المجتمع.

تعد الدراسات السوسيولوجية المعاصرة بالأساس دراسات دينامية ومتعددة الاختصاصات، تدرس المجتمع في حركته وتفاعلاته الداخلية والخارجية واذا كان الشباب يعد موضع اهتمام سوسيولوجي، فمعنى ذلك أنه من الضروري تبني مدخل إبستيمولوجي ملائم؛ مدخل علمي ينهض على الدراسة الموضوعية والتحليل الدقيق لمختلف القضايا التي ترتبط بهذا الموضوع ، الذي احتل حيزاً هاماً في الفكر الانساني قديماً وحديثاً، وفي كثير من فروعه واختصاصاته.

 بيد أن البناء النظري لمفهوم الشباب يشكل تحدياً في حد ذاته؛ إذ لعم تستفد سوسيولوجيا الشباب من تراكم كاف لتظل في غالب الأحيان اختصاصاً متنازعاً عنه 1999 ,45 mascus Unive Teles)، يتم التطرق إليه كلما تعلق الأمر ببعض المواضيع المرتبطة بالمؤسسات الكبرى كالتربية والأسرة وغيره.

أياً كان موضوع الاشتغال السوسيولوجي، لا يمكن حيازته وتملكه بشكل كفيل بتفادي كل لبس أو غموض إلا باعتماد نوع من المغامرة الاستكشافية والجهد المنهجي الرصين، لذلك يشير اميل دوركايم Émile Durkheim في كتابه تقسيم العمل الاجتماعي أنه ليس هناك من إمكانية لتأسيس علم ما خارج الجرأة، ولكن بواسطة المنهج .(2013 .Durkheim, E. ذلك أن الانفتاح الجريء والمستمر على مختلف التضاريس المجتمعية يسهم في إنتاج معرفة رهينة، ويضمن إقامة فهم مختلف للواقع الاجتماعي.

إن الجرأة المنهجية شرط وجودي لإنتاج سوسيولوجيا نوعية تهدف إلى تحليل وفهم الظواهر الاجتماعية، وهي التي تدعو إلى تشييد سوسيولوجيا الشباب كفرع تخصصي يمكن أن يسعف في تقديم إجابات محتملة عن أسئلة وقضايا الشباب كفئة عمريه اجتماعية تحتل مكانة بارزة في النسيج المجتمعي؛ سواء بالنظر إلى حضورها الكمي أو اتصالا بإشكالياتها المفتوحة على عوائق الإدماج والثقافة والعوائق المفترضة مع باقي مؤسسات وفئات المجتمع.