علم اجتماع المسرح: رسم تاريخي تخطيطي لعلم الاجتماع في فرع من فروع الفن - المسرحية - ج1
مقدمة:
الهدف من هذا الكتاب هو إلقاء نظرة موحدة : تتلخص في الكشف عن تاريخ
مسيرة النشاط الإنساني مع تطور المسرحية عبر العصور، الذي هو في حد ذاته
نشاط اجتماعي بالضرورة.
من هذا المنطلق لابد من حساب أن الأنواع الدرامية مختلفة ومتعددة إن لم
تكن متناقضة مع بعضها البعض، وأن هذه الأنواع لا تحتل إلا جزءا يمثل زمنا
غير مستمر من قيمة الأدب العالمي بحكم ظهورها أحيانا واختفائها احيانا
أخرى، وذلك بحكم ارتباطها بعصور وحكام مؤيدين للمسرح وللمسرحية، وآخرين
لم يشجعوا المسرح أو أغلقوا منافذه المضيئة للبشر والبشرية.
ومن هنا توقفت
جهود المسرح والمسرحية على جهود شخصية بشرية، لكنها ذاتية محدودة، لم
تبلغ إلى أعلى المراتب التي صاحبت جوانب أخرى من الحياة والإبداع.
الموضوع كبير، متسع ومعقد، فهو في الزمان والمكان يخلف معلومات مزدحمة
تشبه الفسيفساء (المنمنمات) في الفن التشكيلي التي ينبغي على الباحث
تجميعها إلى جانب بعضها البعض ليحصل على صورة واحدة في نهاية مسار
بحثه.
وهناك طريقة واحدة للوصول إلى الهدف المنشود، وهي التعرف على
تاريخية الزمن، وعلى عناصـر التـعـقـيـد COMPLEXITY الكامنة في وسائل
التعبير المتعددة مضامينا وأشكالاً، ثم وضعها على طاولة البحث العلمي من زاوية
علم الاجتماع وحقيقة المجتمعات . فلا شك أن مبدعي هذا النوع المسرحي
(المسرحية) ، والمتناولين للمسرحيات والمتعاملين معها من نظارة ومشاهدين قد
اهـتـمـوا بهذا الفرع من فن المسرح، وهم الذين أضـفـوا مـصـطلح (المسـرحـيـة)
المرتبط بالواقع الاجـتـمـاعى ارتباطا شـديـدا.
هذا الواقع الذي ضـمن خلفـه في المضمون المتغير دوما بحكم حركة تغير وتقدم المجتمعات أو عودتها إلى الوراء
خاصة وقد كان - الواقع – يضع في اعتباره على الدوام الوصول إلى مصطلح
جديد هو (البدع) NOVELTY .. البدع في إقرار الشعبية POPULARITY
داخل المسرحية.