أهمية طرح الأسئلة للقادة boukultra | شريان المعرفة
![]() |
أهمية طرح الأسئلة للقادة |
المقدمة: طرح الأسئلة كأداة قيادية
لا يخفى على أحد أن القيادة ليست مقتصرة على إصدار الأوامر أو اتخاذ القرارات في عزلة، بل تتطلب تفاعلًا مستمرًا مع مختلف أصحاب المصلحة داخل المنظمة وخارجها. تُشكّل الأسئلة جسرًا يربط بين القائد وفريقه، فهي تفتح المجال للتفكير الإبداعي، وتساعد في الكشف عن التحديات والفرص التي قد تمر دون ملاحظة. إن القائد الذي يتقن فن طرح الأسئلة يتمتع بميزة تنافسية تُمكنه من تحفيز الفضول واستكشاف الأفكار الجديدة، مما يؤدي في النهاية إلى تطوير حلول مبتكرة تتماشى مع تغيرات البيئة التنظيمية.
لقد أثبتت الدراسات أن عملية طرح الأسئلة الصحيحة يمكن أن تؤدي إلى تحسين أداء الفرق بشكل كبير، كما أنها تُسهم في تعزيز الشعور بالانتماء والمسؤولية لدى الموظفين. من هنا، تنبع أهمية طرح الأسئلة للقادة كأداة لتفعيل الإبداع وتوجيه الفريق نحو تحقيق الأهداف المشتركة.
لماذا تُعتبر الأسئلة من الأدوات الحيوية للقادة؟
1. تحفيز الفضول والابتكار
يُعتبر طرح الأسئلة بمثابة الشرارة التي تشعل فتيل الإبداع داخل المؤسسات. عندما يطرح القائد أسئلة تتحدى الافتراضات التقليدية وتحث على التفكير خارج الصندوق، فإنه يخلق بيئة يتمكن فيها أعضاء الفريق من استكشاف أفكار جديدة وتجربة حلول مبتكرة. فالأسئلة مثل "ما الذي يمكن أن نفعله بشكل مختلف؟" أو "كيف يمكننا تحسين هذا الجانب؟" تُشجع على التحليل النقدي والتفكير الإبداعي، مما يؤدي إلى تطوير أفكار جديدة تسهم في النمو والتميز.
علاوة على ذلك، يُعد تحفيز الفضول عبر طرح الأسئلة المفتوحة وسيلة لتعزيز ثقافة التعلم المستمر داخل المنظمة. إذ إن البيئة التي تحتضن الأسئلة تُتيح المجال للتعلم من الأخطاء والنجاحات على حد سواء، مما يعزز من القدرة على التكيف مع المتغيرات والتحديات المستقبلية.
2. تحسين عملية اتخاذ القرارات
تلعب الأسئلة دورًا محوريًا في مساعدة القادة على اتخاذ قرارات مبنية على أسس علمية وتحليل دقيق للمعلومات. فطرح الأسئلة يساعد على جمع البيانات الضرورية وتحليلها بعمق، ما يتيح للقائد تقييم الخيارات المتاحة بشكل موضوعي. على سبيل المثال، يمكن أن تُطرح أسئلة مثل "ما هي العوامل الرئيسية التي تؤثر على هذا القرار؟" أو "ما هي المخاطر المحتملة وكيف يمكن التخفيف منها؟" لتوفير رؤية شاملة تساعد في الوصول إلى القرار الأمثل.
وبالتالي، يصبح اتخاذ القرارات أكثر دقة واستنادًا إلى البيانات والتحليل العميق، مما يقلل من احتمالات الوقوع في الأخطاء ويسهم في تحقيق نتائج إيجابية ومستدامة على المدى الطويل.
3. تعزيز التواصل والتعاون
إن القدرة على طرح الأسئلة ليست مفيدة فقط لتحسين القرارات، بل تلعب أيضًا دورًا أساسيًا في بناء جسور التواصل بين القائد وفريقه. الأسئلة المفتوحة والحيادية تُساعد القادة على فهم آراء ومشاعر واحتياجات الموظفين بوضوح، مما يُساهم في بناء بيئة عمل يسودها الاحترام المتبادل والثقة. على سبيل المثال، عندما يسأل القائد: "ما هي أفكارك لتحسين هذه العملية؟" فإنه يُشجع الموظف على المشاركة بآرائه دون خوف من الانتقاد، مما يعزز من روح التعاون والمشاركة الجماعية.
ومن خلال طرح الأسئلة، يمكن للقائد أيضًا اكتشاف وجهات نظر مختلفة قد تكون غائبة عن نظرة الإدارة العليا، وهو ما يفتح المجال لابتكار حلول شاملة تتماشى مع رؤى الجميع وتحقق التوافق في الأهداف.
4. تعزيز التعلم والنمو المستمر
يُعد طرح الأسئلة من أهم العوامل التي تسهم في بناء ثقافة التعلم داخل المؤسسات. إذ يسمح للقادة بتقييم الأداء بشكل دوري واكتشاف نقاط القوة والضعف، سواء على مستوى الفرد أو الفريق ككل. يمكن أن تُطرح أسئلة مثل "ما الذي نجحنا فيه خلال الفترة الماضية؟" أو "ما الذي يمكن تحسينه في المستقبل؟" لتحليل الأداء وتحديد الفرص المتاحة للنمو والتطوير.
هذا النوع من الأسئلة يُحفّز على مراجعة الأداء بموضوعية ويساعد في وضع خطط تدريبية وتطويرية تستهدف سد الثغرات وتعزيز المهارات، مما ينعكس إيجابًا على الأداء العام للمؤسسة ويُعزز من قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية.
كيف يمكن للقادة تحسين مهاراتهم في طرح الأسئلة؟
ليس كل سؤال يحمل نفس القيمة أو يؤدي إلى نتائج إيجابية؛ فبعض الأسئلة قد تكون مغلقة أو تحمل تحيزات تؤدي إلى إجابات سطحية أو دفاعية. لذلك، يجب على القادة اتباع عدد من الاستراتيجيات لتحسين جودة الأسئلة التي يطرحونها.
1. تحديد الهدف والغرض من السؤال
قبل طرح أي سؤال، ينبغي على القائد أن يحدد بوضوح الهدف الذي يسعى لتحقيقه من خلاله. يجب أن يطرح على نفسه تساؤلات مثل:
- ما هي المعلومات التي أحتاج إلى الحصول عليها؟
- ما التأثير الذي أرغب في إحداثه من خلال هذا السؤال؟
هذا التحديد الدقيق للهدف يساعد في صياغة السؤال بشكل مركز وواضح، مما يزيد من فرص الحصول على إجابات مفيدة وعميقة.
2. استخدام الأسئلة المفتوحة
الأسئلة المفتوحة هي التي لا يمكن الإجابة عليها بنعم أو لا، وهي تشجع على تقديم إجابات تفصيلية وشاملة. تبدأ هذه الأسئلة عادة بكلمات مثل:
- ماذا؟
- كيف؟
- لماذا؟
- من؟
- أين؟
- متى؟
باستخدام الأسئلة المفتوحة، يتمكن القائد من الحصول على رؤى متنوعة ومعلومات غنية قد لا تظهر من خلال الأسئلة المغلقة. فمثلاً، سؤال "كيف ترى إمكانية تحسين بيئة العمل لدينا؟" يفتح الباب لاستعراض أفكار متعددة ومتنوعة تساهم في تحسين الأداء والرضا الوظيفي.
3. تبني الأسئلة المحايدة
من الضروري أن تكون الأسئلة التي يطرحها القائد خالية من الأحكام المسبقة والتحيزات. فالأسئلة المحايدة تُعبر عن اهتمام القائد الحقيقي بمعرفة آراء الآخرين دون فرض رؤية محددة مسبقًا.
على سبيل المثال، بدلاً من السؤال: "ألا تعتقد أن هذا الحل غير مناسب؟" يمكن القول: "ما هو تقييمك لهذا الحل؟"
هذا التعديل يُظهر احترام وجهات النظر المختلفة ويشجع الموظفين على المشاركة بصدق وشفافية.
4. صياغة أسئلة محترمة ومشجعة للحوار
يجب أن تكون الأسئلة دائمًا صياغتها محترمة وتعبر عن تقدير القائد للمتحدث. الأسئلة التي تُظهر الاهتمام الحقيقي بالشخص واحتياجاته تُسهم في بناء علاقات قوية ومستدامة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.
من الأمثلة الجيدة على ذلك:
- "ما هي التحديات التي تواجهك في هذا المشروع؟"
- "كيف يمكنني مساعدتك في تحقيق أهدافك؟"
- "ما الأفكار التي تود مشاركتها لتحسين الأداء العام؟"
هذه الطريقة في طرح الأسئلة تعزز من روح التعاون وتُحفّز الموظف على تقديم أفضل ما لديه دون خوف من الانتقاد أو التقليل من قيمته.
الفوائد العملية لطرح الأسئلة للقادة
1. تعزيز بيئة العمل الإيجابية
عندما يشعر الموظفون بأن آرائهم تُسمع وأن أسئلتهم تحظى بالاهتمام، يصبحون أكثر اندماجًا في بيئة العمل. هذا الاندماج يُؤدي إلى رفع مستوى الروح المعنوية والالتزام بالأهداف المشتركة. بيئة العمل التي تُقدر الحوار المفتوح والتواصل الفعال تُعد بمثابة محفز للإبداع والابتكار، حيث يطمئن الموظفون إلى أن كل فكرة تُقدَّم تُعتبر قيمة وتستحق الاستماع.
2. تحفيز التطوير الشخصي والمهني
طرح الأسئلة بشكل دوري وممنهج يُعد من أدوات التطوير الشخصي والمهني. فمن خلال الأسئلة، يتمكن القائد من التعرف على نقاط القوة والضعف لدى أفراد فريقه، مما يتيح له تقديم الدعم والتدريب المناسبين. على سبيل المثال، يمكن للمدير أن يسأل: "ما هي المهارات التي تود تطويرها؟" أو "ما الذي تحتاجه لتحسين أدائك؟"
بهذه الطريقة، تُبنى ثقافة التعلم المستمر والتطوير المستدام التي تُسهم في رفع مستوى الكفاءة والاحترافية داخل المنظمة.
3. تحسين القدرة على حل المشكلات
عند مواجهة التحديات والمشكلات، يصبح طرح الأسئلة أداة حيوية لتحليل الأسباب الجذرية واستكشاف الحلول الممكنة. فبدلاً من فرض الحلول من الأعلى، يقوم القائد بجمع الآراء والأفكار من مختلف أعضاء الفريق، مما يتيح له رؤية متعددة الأبعاد للمشكلة.
الأسئلة مثل: "ما هي العوامل التي أدت إلى حدوث هذه المشكلة؟" أو "كيف يمكننا تفادي تكرار هذه الظروف في المستقبل؟" تُحفّز عملية التفكير النقدي وتساعد على الوصول إلى حلول أكثر دقة واستدامة.
4. تمكين القادة من اتخاذ قرارات مدروسة
من خلال استخدام الأسئلة كأداة لجمع المعلومات، يتمكن القادة من تحليل البيانات والمعلومات المتاحة بطريقة منهجية. هذه العملية تُتيح لهم تقييم الخيارات المختلفة بشكل أكثر موضوعية، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات تكون مبنية على الحقائق والتحليل العميق.
عندما يُطرح السؤال الصحيح في الوقت المناسب، يصبح من السهل استنتاج الاتجاه الصحيح والسبل المثلى لتحقيق الأهداف المنشودة.
التحديات التي قد تواجه القادة في طرح الأسئلة
على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها طرح الأسئلة، إلا أن بعض القادة قد يواجهون تحديات عدة تحول دون تحقيق الاستفادة القصوى منها. من أبرز هذه التحديات:
1. الخوف من الرفض أو النقد
قد يشعر بعض القادة بالقلق من أن يؤدي طرح أسئلة معينة إلى استقبال ردود فعل سلبية أو نقد لاذع. هذا الخوف يمكن أن يمنعهم من طرح الأسئلة التي قد تكون ضرورية لفهم آراء الموظفين أو تحسين الأداء. للتغلب على هذا التحدي، يجب على القادة بناء ثقافة مؤسسية تشجع على الصراحة والشفافية، حيث يُنظر إلى الأسئلة كجزء من عملية التحسين المستمر وليس كدليل على الضعف.
2. ضيق الوقت والضغط الإداري
في ظل الأعباء اليومية وضغط العمل، قد يجد القائد نفسه غير قادر على تخصيص الوقت الكافي لطرح الأسئلة والاستماع إلى الإجابات بشكل معمّق. لهذا السبب، يجب على القادة تنظيم جداولهم الزمنية بطريقة تضمن وجود فترات مخصصة للحوار المفتوح مع الفريق. يمكن أيضًا استخدام أدوات الاتصال الحديثة لعقد جلسات افتراضية تتيح للموظفين مشاركة آرائهم وأفكارهم دون التقيد بمكان وزمان محددين.
3. صعوبة صياغة الأسئلة المناسبة
ليس كل شخص يمتلك القدرة على صياغة الأسئلة التي تكون مفتوحة وحيادية ومحترمة. ففي بعض الأحيان، قد تؤدي الأسئلة غير الدقيقة أو المتحيزة إلى إجابات سطحية أو حتى إلى حدوث مقاومة من قبل الموظفين. لذا، يُنصح القادة بالتمرّن على صياغة الأسئلة وتحسين أسلوب التواصل من خلال التدريب والممارسة المستمرة، فضلاً عن طلب التغذية الراجعة من الفريق لتحسين جودة الحوار.
4. مقاومة التغيير
قد يواجه بعض أعضاء الفريق مقاومة عند طرح أسئلة تدعو إلى إعادة تقييم أساليب العمل التقليدية أو تبني طرق جديدة في حل المشكلات. هذه المقاومة قد تنبع من الخوف من المجهول أو من رغبة البعض في الحفاظ على الوضع الراهن. هنا يأتي دور القائد في توضيح أهمية التغيير وبيان الفوائد المحتملة منه، مما يساعد على تقليل المقاومة وتحفيز الجميع على المشاركة الإيجابية.
استراتيجيات عملية لتعزيز مهارات طرح الأسئلة
لمواجهة التحديات السابقة والاستفادة القصوى من مهارة طرح الأسئلة، يمكن للقادة اتباع عدد من الاستراتيجيات العملية التي ستساعدهم في تحسين أسلوبهم وتوجيه أسئلتهم بالشكل الأمثل.
1. التدريب المستمر والتعلم الذاتي
من الضروري أن يخصص القائد وقتًا للتعلم والتطوير في مجال التواصل الفعّال. يمكن حضور ورش العمل والدورات التدريبية المتخصصة في مهارات الحوار والقيادة، وكذلك قراءة الكتب والمقالات التي تتناول هذا الموضوع. كما يمكن للقادة تبادل الخبرات مع نظرائهم واكتساب تقنيات جديدة تساعدهم على صياغة أسئلة ذات جودة عالية.
2. التشجيع على الحوار المفتوح داخل الفريق
يجب أن يسعى القائد إلى خلق بيئة عمل تشجع على الحوار المفتوح والتواصل المستمر بين جميع أعضاء الفريق. يمكن تحقيق ذلك من خلال عقد اجتماعات دورية يكون فيها الجميع على نفس القدر من المشاركة، كما يمكن استخدام تقنيات مثل العصف الذهني (Brainstorming) التي تُحفّز التفكير الجماعي وتسمح بتبادل الأفكار بحرية.
3. استخدام تقنيات الاستماع النشط
يعتبر الاستماع النشط جزءًا لا يتجزأ من عملية طرح الأسئلة الفعالة. فعندما يقوم القائد بطرح سؤال، يجب أن يكون مستعدًا للاستماع بعناية للإجابة، مع إظهار الاهتمام الحقيقي والتعاطف مع المتحدث. التقنيات مثل إعادة صياغة الأفكار وطرح أسئلة متابعة تساعد في توضيح المعاني واستخلاص أكبر قدر ممكن من المعلومات.
4. التقييم الدوري لجودة الأسئلة
يمكن للقادة إجراء تقييم دوري لجودة الأسئلة التي يطرحونها عن طريق الحصول على ملاحظات من الفريق. هذه الملاحظات قد تساعد في معرفة النقاط التي تحتاج إلى تحسين، سواء من ناحية صياغة السؤال أو من حيث توقيت طرحه. يمكن استخدام أدوات استطلاع الرأي أو الجلسات التفاعلية لتجميع هذه الملاحظات وتحليلها بدقة.
5. المرونة في تغيير الأساليب
لا توجد طريقة واحدة تناسب الجميع عند طرح الأسئلة. لذلك، ينبغي على القائد أن يكون مرنًا ومستعدًا لتعديل أساليبه وفقًا للسياق والمواقف المختلفة. التجربة والخطأ تُعدان من أفضل الأساليب لتعلم كيفية تحسين طرح الأسئلة، كما أن متابعة التطورات في مجال القيادة والتواصل قد يوفر للقائد أفكارًا وأساليب جديدة يمكن تبنيها.
أمثلة حية على تطبيق مهارة طرح الأسئلة في القيادة
مثال 1: تحسين بيئة العمل في شركة تقنية
في إحدى الشركات التقنية الرائدة، كان المدير التنفيذي يعاني من انخفاض معدل الابتكار بين فرق العمل. بعد تحليل الوضع، قرر المدير تنظيم جلسة حوار مفتوحة مع الموظفين، وبدأ بطرح سلسلة من الأسئلة المفتوحة مثل "ما التحديات التي تواجهنا في تطوير منتجاتنا؟" و"ما الأفكار التي يمكن أن تسهم في تحسين تجربة المستخدم؟".
نتيجة لهذه الجلسات، تم الكشف عن عدد من المشكلات التي كانت تعيق الإبداع، وتمكن الفريق من تقديم حلول مبتكرة أدت إلى تحسينات كبيرة في المنتجات وخدمة العملاء. هذه التجربة أثبتت أن طرح الأسئلة بشكل منتظم يمكن أن يكون له أثر إيجابي مباشر على بيئة العمل والنتائج التجارية.
مثال 2: تعزيز روح التعاون في مؤسسة تعليمية
في إحدى المؤسسات التعليمية، لاحظت الإدارة وجود فجوة في التواصل بين المعلمين والإدارة، مما أثر على جودة العملية التعليمية. قرر المدير العام عقد لقاء دوري مع المعلمين، حيث كان يبدأ اللقاء بطرح أسئلة مثل "ما هي التحديات التي تواجهكم في الفصول الدراسية؟" و"كيف يمكن للإدارة تقديم الدعم اللازم لكم؟".
بفضل هذه الأسئلة، تمكن المعلمون من التعبير عن احتياجاتهم ومقترحاتهم، مما أدى إلى اتخاذ إجراءات تصحيحية حسّنت من بيئة العمل التربوية وأسهمت في رفع مستوى الأداء الأكاديمي للمؤسسة.
مثال 3: استخدام الأسئلة في تطوير الاستراتيجيات
عندما تواجه شركة تجارية تحديات اقتصادية مفاجئة، يلجأ القادة إلى طرح أسئلة استراتيجية لتحديد الاتجاه الصحيح. في أحد الاجتماعات الطارئة، سُئل الفريق: "ما هي الإجراءات التي يمكن أن نتخذها للتكيف مع التغيرات السوقية الحالية؟" و"ما هي الفرص التي يمكن استغلالها في ظل هذه الظروف؟".
هذه الأسئلة أدت إلى مناقشات عميقة أفضت إلى تطوير خطة استراتيجية شاملة شملت تنويع المنتجات وتعزيز التسويق الرقمي، مما ساعد الشركة على تجاوز الأزمة وتحقيق نمو ملحوظ في فترة قصيرة.
النتائج المتوقعة من تطبيق مهارة طرح الأسئلة
يمكن القول إن تطبيق مهارة طرح الأسئلة بشكل منهجي وإدماجها في ثقافة العمل يؤدي إلى العديد من النتائج الإيجابية، منها:
- زيادة الإنتاجية: إذ يؤدي الحوار المفتوح وتبادل الأفكار إلى تحسين طرق العمل واكتشاف حلول أكثر فاعلية للتحديات اليومية.
- رفع مستوى الثقة: عندما يشعر الموظفون بأن قيادتهم تستمع إليهم وتقدر آراءهم، يزداد شعورهم بالانتماء والمسؤولية تجاه المنظمة.
- تعزيز الإبداع: فتح باب النقاش والاستفسار يشجع على تقديم أفكار جديدة ومبتكرة يمكن أن تشكل فارقًا في سوق المنافسة.
- تطوير مهارات الفريق: من خلال التفاعل المستمر والتغذية الراجعة، يتعلم أعضاء الفريق كيفية تحسين أدائهم ومواجهة التحديات بثقة أكبر.
تلك النتائج لا تقتصر على تحقيق أهداف قصيرة المدى فحسب، بل تمتد إلى بناء أساس قوي للنمو المستدام وتطوير بيئة عمل محفزة تسمح بالابتكار والتجديد الدائم.
نصائح إضافية لتعزيز جودة الحوار
إلى جانب ما تم استعراضه من استراتيجيات، هناك بعض النصائح الإضافية التي يمكن للقادة اتباعها لضمان استفادة قصوى من عملية طرح الأسئلة:
- التحضير المسبق: قبل عقد أي اجتماع أو جلسة نقاش، ينبغي على القائد تجهيز قائمة بالأسئلة الأساسية التي يرغب في طرحها، مع مراعاة توافقها مع أهداف الاجتماع.
- تدوين الملاحظات: أثناء جلسات الحوار، يجب تدوين جميع الملاحظات والأفكار التي تُطرح، مما يساعد في تحليلها فيما بعد واستخدامها في اتخاذ القرارات.
- التواصل بعد الجلسات: متابعة النتائج وتقديم ردود الفعل بعد جلسات الحوار يُظهر للفريق أن آرائهم محل تقدير وأنها تُترجم إلى إجراءات ملموسة.
- تشجيع المشاركة: يجب أن يحرص القائد على خلق جو من الأمان والتشجيع بحيث يشعر الجميع بالراحة عند التعبير عن آرائهم دون خوف من النقد أو السخرية.
الخاتمة: القيادة بالفكر والحوار
في نهاية المطاف، تُعد مهارة طرح الأسئلة من أهم الأدوات التي يجب أن يمتلكها القائد العصري. فهي ليست مجرد وسيلة لجمع المعلومات، بل هي عملية شاملة تُسهم في تعزيز الإبداع، وتحسين اتخاذ القرارات، وبناء ثقافة عمل قائمة على الحوار المفتوح والشفافية. عندما يتحول طرح الأسئلة إلى عادة مستمرة داخل المؤسسة، يصبح القائد قادرًا على اكتشاف المواهب والفرص المخفية، وفي نفس الوقت يُحفّز فريقه على التفكير النقدي والتحليلي.
إن تحقيق التغيير الإيجابي داخل أي مؤسسة يبدأ من القدرة على التساؤل، فكل سؤال يُطرح هو بمثابة خطوة نحو التطوير والتحسين. ومن خلال تطبيق الاستراتيجيات والأساليب التي تم تناولها في هذه المقالة، يستطيع القادة أن يُحدثوا فرقًا حقيقيًا في بيئة عملهم، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة ومستدامة في ظل التحديات المعاصرة.
تُذكر دائمًا أن القيادة ليست حالة ثابتة، بل هي عملية ديناميكية تتطلب القدرة على التكيف والتعلم المستمر. وبذلك، يصبح طرح الأسئلة بمثابة المفتاح الذي يفتح الأبواب لكل جديد، ويُمكن القائد من اكتشاف إمكانات فريقه وتحقيق رؤى استراتيجية تتجاوز الحدود التقليدية.
إن التحول من القيادة القائمة على الأوامر إلى القيادة المبنية على الحوار والتفاعل يتطلب جرأة وشجاعة، لكنه في نهاية المطاف يُثمر عن بيئة عمل مثمرة ومتجددة. لذلك، ينبغي لكل قائد أن يسعى لتطوير مهاراته في طرح الأسئلة، ليس فقط من أجل تحسين الأداء الفردي أو الجماعي، بل من أجل بناء مؤسسة تتميز بالمرونة والإبداع والتجديد المستمر.
وفي الختام، يمكن القول إن أهمية طرح الأسئلة للقادة تتجلى في قدرتها على تحويل المحادثات اليومية إلى فرص للتعلم والنمو، وفي الوقت نفسه تسهم في بناء جسر قوي من الثقة والتعاون بين جميع أفراد المؤسسة. لذا، يُعد الاستثمار في هذه المهارة أحد الاستثمارات الجوهرية التي يجب أن يقوم بها كل قائد يسعى لتحقيق النجاح والتميز في عالم سريع التغير.