خطابات علم الاجتماع في النظرية الاجتماعية - جاك هارمان.pdf
مقدمة المترجم
تخضع عملية إنتاج المعارف كغيرها من العمليات والظواهر الاجتماعية لسيرورة تغيير مستمرة متأثرة في ذلك بالظروف التاريخية المميزة للحقب التاريخية التي تشهد إنتاجها، وبعدد من العوامل الذاتية والموضوعية، الفردية والجمعية المميزة لتلك الحقب. وبهذا الصدد تواجهنا مواقف عديدة وآراء متنوعة تقدم أطرا إبستمولوجية ( معرفية تحاول رسم مسيرة تطور المعرفة الإنسانية عامة والعلم بصفة خاصة.
ويبرز بهذا الخصوص في مجال ما يسمى بفلسفة العلم أو الإبستمولوجيا موقفان رئيسيان يرى الأول أن المعرفة عامة والعلم بخاصة يستند إلى توافق الباحثين واتفاقهم حول إجراءات وقواعد بحثية محددة تحظى بقبول الأسرة العلمية، هذا الموقف التوافقي أو الاتفاقي يعتبر تطور المعرفة والعلم عملية تراكمية مستمرة. ولعل أحسن من يمثل هذا الموقف تيارات الوضعية والوضعية المنطقية التي عبر عنها بقوة عدد من الباحثين وسيطرت على حقل فلسفة العلم والإبستمولوجيا لفترة زمنية طويلة، ومن ممثليها المشهورين كارل بوبر opper ... في عمله الموسوم "منطق الاكتشاف العلمي The (1959) Logic of Scientific Discovery وكذلك عمله التخمين والتفنيد" .Conjectures and Refutations (1972)
أما الموقف الثاني فيرى عكس ذلك تماما، بحيث يعتبر أن تطور المعارف والعلم يمر من خلال قطيعات أو ثورات تعكس التغيرات العميقة في أسلوب التفكير ومبادئ التقييم أو ما يسمى لدى البعض بظهور وأفول النماذج المعرفية Paradigms ، وتبرز هنا قيمة وأهمية أعمال عدد من الباحثين والمفكرين المحدثين يأتي في مقدمتهم الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار G. Bachelard في عمله تكوين العقل العلمي (1938),La Formation de l'esprit scientifique والأمريكي توماس كون Thomas Kuhn في عمله الشهير بنية الثورات العلمية (1962) The Structure of Scientific Revolutions ثم لويس التوسير Louis Althusser في كتابه قراءة في رأس المال" (1968) Lire le Capital وجاءت بعد ذلك مجموعة من الباحثين المحدثين أمثال لاكتوس I. Lakatos في عمله التكذيب ومنهج برامج البحث العلمي Falsification and the Methodology ,(1974) of Scientific Research Programs وكذلك فيرابند .P. Feyerabend في عمله المشهور ضد المنهج (1978) Against Method وعمله وداعا للعقل" (1987) Farewell to Reason
