تحميل كتاب اتصال المنظمة الاستاذ الدكتور فضيل دليو .pdf

مقدمة

إن الاتصال يعد بعدًا حاسمًا في الحياة الاجتماعية عمومًا والحياة التنظيمية خصوصًا. فقد أصبح له دور مهم في تنفيذ الاستراتيجيات العامة لمختلف التنظيمات (شركات ومنظمات)، إلى حد جعل القائمين عليه يسرعون في تعميم الاستعمالات والتطبيقات الخاصة المطورة بالتنظيمات التي كان لها السبق في هذا المجال، متناسبين المحددات الظرفية (زمان، مكان، تخصص) لكل منظمة أو شركة.

لقد بدأ التفكير في تنظيم الاتصال من أجل الترويج للبضائع وبيعها، ولذلك شكل الإشهار المظهر البدائي والأساسي لاتصال المنظمة.

ويمكن تحديد فترة تطور هذا النوع من الاتصال التجاري - على العموم - بين القرن التاسع عشر وسبعينيات القرن العشرين فيما يخص الدول المتطورة طبعًا، حيث بدأت تظهر مديريات الاتصال في المنظمات.

بالإضافة إلى الاتصال التجاري، يوجد اتصال المنظمة الأعم لاهتمامه بالمجالات الصناعية أو الخدمية، العامة أو الخاصة، إلى جانب اهتمامه بمنتجاتها.

(*) لقد فضلنا في عملنا هذا تبني مصطلح "منظمة" بدلًا من مصطلحي "شركة" أو "مؤسسة"، ومن ثم اتصال المنظمة (وليس الاتصال المؤسسي، في المنظمات، اتصال الشركة،... النقاش...)، لأنه يضيء بعدًا اجتماعيًا تنظيميا على الشركة أو المؤسسة أو المنشأة، كما يبدو من جهة أخرى أكثر انسجامًا مع خصائص وواقع العصر: التفاعل الشامل، التخصص والتناوب بين العلميين. ونقول أيضًا "اتصال المنظمة والشركات"/ Communication d’entreprise ou des organisations/ الشامل وليس "الاتصال المؤسسي" الحصري، لأننا نعتبر هذا الأخير ترجمة للتعبير الفرنسي Communication Institutionnelle الذي يندرج في تقديرنا ضمن العلاقات العامة كأحد تخصصات الاتصال الشامل.

كتاب اتصال المنظمة الاستاذ الدكتور فضيل دليو .pdf

غلاف كتاب اتصال المنظمة الاستاذ الدكتور فضيل دليو .

إن المنظمات، سواء كانت شركات أو مؤسسات أو منشآت أو هيئات، أصبحت تدرك أن الاتصال لم يعد عبارة عن مجرد ملاحق أو زخارف إضافية لتحسين الصورة العمومية أو التباهي أمام المنافسين أو مجرد تسويق للبضائع؛ بل عنصرًا أساسيًا في تخطيطها الاستراتيجي. ولقد رافق هذا الإدراك اهتمام أكاديمي متزايد في مجالي البحث والتكوين المرتبطين به، وخاصة لرفع تحدي التطورات الجديدة المتعلقة عمومًا بتوظيف التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال أو باقتحام أرضيات عمل جديدة استلزمت مسؤولياتها المتعددة، مثل الاتصال البيئي أو التضامني...

ونحن نرمي من وراء هذا العمل استدراك ذلك على مستوانا الأكاديمي بمحاولة تلبية رغبة وحاجة الأشخاص القادمين على الاتصال في مختلف الشركات والمنظمات التجارية والخدمية، وسعيهم من منطلق رغبتهم في تحسين دورهم وأداء مهامهم، وذلك من خلال معالجة أهم تخصصات اتصال المنظمة من منظور المنطلقات النظرية والتطبيقات، وتوضيح كيفية تفاعل مرسل المنظمة مع محيطه الداخلي والخارجي، في ضوء المفهوم الشامل للاتصال.

ونظرًا لخصوصية ظروف عمل كل منظمة (طبيعتها الخاصة ومختلف محدداتها الزمنية والمكانية، الداخلية والمحلية)، فقد تعمدنا التركيز في عملنا هذا على الطابع التسييري والاستراتيجي العام لاتصال المنظمة لتجاوز هذه الخصوصيات من جهة، وعدم الوقوف عند الطابع الوسيلي الغالب على اتصال المنظمة من جهة أخرى.

هدفنا هو المساهمة في توضيح قدرة الاتصال على لعب دور المصدر الأساسي في تسيير المنظمات. وهذا يتطلب بالطبع تجاوز الاعتبارات التقليدية التي تفرق بين الاتصال الداخلي والاتصال الخارجي للمنظمة، وتسليم زمام الأمور لوسائل الاتصال الجماهيرية أو الاتصال التجاري. لهذا، غلب على مقاربتنا للموضوع الاهتمام العام بوصف طبيعة وأهداف اتصال المنظمة باعتباره اتصالًا شاملاً والتحديد الخاص لبعض من تخصصاته العملية (الإشهار، العلاقات العامة والعلاقات مع الصحافة).

فهذه التخصصات أو المجالات الثلاثة الآنفة الذكر لم تعد موجهة حصرا الى الجمهور الخارجي ، ولكن توجه أيضًا نحو المحور الداخلي (أعضاء المنظمة)، فالاتصال مهنة الجميع وتأثيره مزدوج.

وتجدر الاشارة في الأخير إلى أن أصل هذا العمل، يرجع إلى سلسلة محاضرات ألقيت على طلبة الدراسات المتخصصة والماستر العليا، كاتبها يتوجه إليهم بهذه المحاولة المتواضعة.

فشرعي أن أختم هذه الكلمات بالتكرير على بعض النقاط الكبرى من ملاحظاتنا ونظام تفكيرنا بعد ما بذلته من جهد وأفرزته من العمل، نقاش في التفكير إلى كل من عمل معي من قريب أو بعيد، ماديا أو معنويا حتى يكون هذا العمل إن جاز الوجود.

أ.د. فضيل دليو