تحميل كتاب مقدمة في علم النفس الاجتماعي والسلوك التنظيمي .PDF
هذا الكتاب موجه للطلبة في ميادين علم اجتماع الشغل والاقتصاد والتصرف وقد انطلقنا في وضعه من المبدأ التالي:
إن السلوك البشري سواء كان فردياً أو جماعياً داخل المؤسسة لا يخضع حتماً لما تقتضيه المنظمات مهما كانت وثائقها أو اتفاقاتها العلمية أو تغليفاتها، ولكنه (أي هذا السلوك) متعلق بمدى التفاعل الذي ينشأ بين المحيط التنظيمي بكل مكوناته والعنصر البشري مع العلم بأن هذا التفاعل يأخذ صوراً متعددة تختلف حسب الشخصية الفردية وخصائص الجماعات والمحيط الاجتماعي والثقافي وغيرها من العناصر المادية أو المعنوية التي تؤثر في وضعيات خاصة.
والمشكل الذي يتعرض له هذا التفاعل يتمثل في أن الظواهر النفسية والنفسية الاجتماعية والاجتماعية التي لها تأثير عليه متعددة، والنظريات التي تحللها كثيرة ومتشابكة الأطراف، لذا يصبح من الضروري العمل كهذا الجمع بين النظريات حسب عوامل موضوعية وربما ذاتية لأن الباحث مهما كانت أهدافه واضحة وموضوعية فهو لا يمكنه أن ينفصل عن تجربته العلمية من قراءات وأعمال ميدانية وتفضيل بين النظريات، والتصريح بهذا المنظور لا من باب التواضع بل من باب الموضوعية كي يعرف الطالب في العلم الإنساني أن لا حقيقة نظرية مطلقة ولكن كل علم نسبي وكل نظرية هي بمثابة منظار يريك شيئاً ويخفي عنك أشياء.
غلاف كتاب مقدمة في علم النفس الاجتماعي والسلوك التنظيمي . |
تمثل دراسة السلوك التنظيمي عنصرًا هامًا في تكوين المختصين في علوم التصرف، وذلك لمدى أهمية العنصر البشري في اشتغال المنظمات وأدائها. وقد يرى البعض أن تنمية إنتاجية العمل تحصل باستعمال السلطة وإدخال محددات وضغوطات مادية ومعنوية في ميدان الشغل للتأثير على العاملين بها وتوجيه سلوكهم نحو الهدف المطلوب. وهذه هي النظرية التقليدية السائدة في المنظمات ما قبل الصناعة وحتى الصناعية حيث لا يعتبر الإنسان إلا عاملاً من عوامل الإنتاج لا غير. وقد تطورت هذه النظرية إلى نظريات أخرى تعتبر أن إنتاجية العمل لا تكون إلا بتحقيق الرضا لدى العاملين، وإذا كان المسير يبحث عن التأثير على إنتاجية أعضاء المنظمة فعليه قبل ذلك أن يؤثر على شعورهم واتجاهاتهم نحو عملهم ووضعيتهم في ميدان الشغل.
واليوم، وقد ارتفع المستوى التعليمي للموظفين والعمال وتطورت الحركات النقابية وتقدمت التكنولوجيا، أصبح موضوع التأثير على السلوك التنظيمي أكثر تشعبًا، مما نتج عنه إدخال مفاهيم جديدة كالمشاركة والمرونة وضرورة اعتبار الاختلافات بين الأفراد فيما يتعلق ببرامجهم ومواقفهم من العمل. وهكذا لم يعد هناك إيمان بوجود نموذج واحد لإدارة الأفراد، بل صار من الحتمي معرفة أدق للعوامل المؤثرة في السلوك البشري بالاستعانة بعلوم مختلفة علما بأن الموظف له خصائص نفسية ذاتية ويتأثر بالجماعات الصغيرة التي ينتمي إليها والمحيط المجتمعي الواسع وكذلك بالمحيط داخل المنظمة وبالتواصل البيئة المختلفة، منها المادية، ومنها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. مع العلم أن يبقى للفردية دور هام بمعنى أن المتعامل بالمنظمة له مصالح ذاتية معينة يتصرف حسبها وربما يضع لنفسه استراتيجية يسير عليها لتحقيق غاياته.
هذا وإنه من ركائز علوم التصرف الحديثة: زيادة على فهم الظواهر وتحليلها - التنبؤ واستشراف المستقبل ونفس المبدأ ينطبق على دراسة السلوك التنظيمي.
لم يكن هدفنا في وضع هذا الكتاب الشمول، فهذا غير ممكن لما عليه البحوث في الوقت الحاضر من تشعب، بل تقديم بعض النظريات الأساسية لفهم السلوك سواء كانت كلاسيكية أو في طور التكوين يقودنا في ذلك اعتباران اثنان:
الاقتراب من الاهتمامات الحديثة فيما يخص علم النفس الاجتماعي والسلوك التنظيمي.
التركيز على حركة مقومات السلوك البشري.
فكانت المواضيع التي طرقناها هي:
علاقة علم النفس الاجتماعي بالعلوم الإنسانية الأخرى.
الشخصية الفردية وعلاقتها بالمحيط الاجتماعي.
الإدراك والمجالات الاجتماعية.
الدافعية.
حركة الجماعة الصغيرة الحجم.
الابتكارية واتخاذ القرارات الجماعية.
الاتصال والإعلام.
السلطة والنفوذ في التنظيم.
وقد يحتوي النص على مفاهيم علمية حرصنا على أن نقدم ترجمتها باللغة الفرنسية وذلك لثلاثة أسباب أولها لأن الترجمات في الكتب العربية غير موجودة بالقدر الكافي، وثانيها لأن بعض الترجمات من اجتهادنا الخاص، وثالثها لتسهيل المطالعة بالنسبة للطالب وذلك لتوفر المراجع باللغة الفرنسية في المكتبات التونسية، ولأن أكثر المراجع الأساسية لم تترجم إلى العربية بعد.