قواعد الاقتباس في البحث العلمي
المقدمة:
في عالم البحث العلمي، يشكل الاقتباس أحد الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها الباحثون لبناء حججهم ودعم أفكارهم. فهو الوسيلة التي تمكنهم من الاستفادة من جهود الآخرين وتحليل آرائهم للوصول إلى نتائج جديدة. ومع ذلك، فإن الاقتباس ليس مجرد عملية نقل حرفي للمعلومات، بل هو فن يتطلب الدقة والموضوعية. يجب على الباحث أن يتحرى اختيار المصادر الموثوقة وأن يوازن بين استخدامه للأفكار المستعارة وبين الإبداع الشخصي في تقديم رؤيته الخاصة.
قواعد الاقتباس في البحث. |
في هذا السياق، تظهر أهمية فهم قواعد الاقتباس والتزام الباحثين بها، لضمان تحقيق الفائدة المرجوة من هذه العملية، وللحفاظ على نزاهة البحث العلمي.
ما هو الاقتباس في البحث العلمي؟ وما هي أشكاله؟
تتعدد تعريفات الاقتباس في البحث العلمي، ومن أهم هذه التعريفات ما يلي:
- عملية النقل الحرفي أو غير الحرفي لنص أو فكرة من مؤلف آخر.
- الاستشهاد بآراء الآخرين وأفكارهم الضرورية والمفيدة التي لها علاقة بموضوع البحث الذي يتم إعداده.
أشكال الاقتباس في البحث العلمي:
1. الاقتباس النصي:
هو نقل النص بشكل حرفي ووضعه بين علامتي تنصيص وذكر المصدر بشكل صحيح في متن البحث.
2. الاقتباس عن طريق التلخيص:
يعتمد على قراءة النص وفهمه جيداً ثم إعادة صياغته بأسلوب الباحث الخاص مع الإشارة للمصدر.
3. الاقتباس بإعادة الصياغة:
يتم من خلال قراءة النص وإعادة صياغته بأسلوب الباحث، ويعد من أصعب أنواع الاقتباس.
القواعد
1. يجب على الباحث أن يتحرى الدقة في اختيار المصادر التي يقتبس منها. يجب أن يكون متعلقًا بموضوع البحث وأن يكون مؤلفها ممن يوثق بهم وتعتمد علميًا.
2. يراعى الدقة في ما ينقله بحيث يضع الفقرة المنقولة بين علامتين تنصيص أو قوسين. لتوضيح للقارئ بأن تلك الفقرة مقتبسة.
3. إذا كان النص المنقول مقتبس من كتاب آخر مذكور في نص الكتاب، وجب تمييزه داخل القوسين الكبيرين، يوضع (ن) لاقتباس منقول من كتاب آخر.
4. إذا قام الباحث بتبديل عبارة أو جملة من المقتبس بوضع نقاط (…) لبيان حذف جزء من النص، ولا يجوز الحذف إذا أخلّ بالمعنى أو الإشارة إلى جزء غير مهم من النص الأصلي.
5. لا يجوز تكرار الاقتباس بنفس العبارة نفسها إذا تم اقتباسها في موضع آخر من البحث؛ بحيث يُفضل أن يعيد الباحث صياغة العبارة بشكل آخر مع الإشارة إلى المصدر نفسه.
6. لا بد من وجود مناسبة قوية تبرر بين فقرات البحث وموضوع الاقتباس وارتباطه بموضوع البحث، مع توضيح تعليق الباحث على النص ليصبح جزءًا من البحث ويشعر القارئ بجهد الباحث.
7. ينبغي أن يكون الاقتباس معنى الاقتباس فعليًا لا يشير الباحث إلى الفكرة، فيقول الباحث معناه: يذكر ما معناه ويضع الفكرة التي فهمها، مع الإشارة إلى المرجع بقوله (انظر إلى المرجع).
8. إذا رأى الباحث مناقشة رأي لمؤلف ما، من أجل تحقيق معلومة معينة، يستلزم من الباحث أن يبني حجته ومعلوماته على أسس علمية صحيحة تدعم رأي الباحث الجديد أو المخالف.
9. لا يقتصر الاقتباس على الكتب والمجلات فقط، بل يمكن الاقتباس من المحاضرات والمداخلات العلمية مع المختصين. ويكون في هذه الحالة إذا كان الرأي غير مسبوق بالنشر في كتاب أو مقال، فيجب أولاً على الباحث أخذ الإذن من صاحب الرأي قبل القيام بنشره.
10. ليس من الصحيح كثرة الاقتباس من المصادر بحيث تختفي شخصية الباحث بين ثنايا الاقتباس. لأنه بذلك يوضح اعتماده على تفكير غيره بدون أي جهد في البحث والدراسة.
11. في حالة الاقتباس أن يتم نقله بحيادية وشفافية، وإذا كان هناك جزء من النص المقتبس يرفضه الباحث يوضع بين القوسين المعقوفين مع الإشارة إليه في الهامش.
12. على الباحث أن يوازن بين الفقرة المقتبسة والضرورة القصوى مع حذف جزء منه قدر الإمكان بحيث لا يخل بالمعنى وأيضاً لا يشعر القارئ بالتكرار.
13. الحالات التي يجب أن يبدأ فيها الاقتباس تكون لنقل خبر أو تعزيز رأي أو توضيح فكرة وهكذا.
14. يلزم أن يذكر الباحث المصدر الذي اقتبس منه بأن يكتب اسم الكتاب، مؤلفة في الهامش، لسلامة العلمية ومساعدة الباحثين على الرجوع للمصدر الأصلي. إن أمكن ذلك.
15. يجب على الباحث عدم الإفراط في الاقتباس في أبحاثه. بحيث لا يتحول البحث إلى مجرد نقل آراء الآخرين، ولا يعدُّ مثل هذا البحث مفيداً، لا للباحث المختص ولا لطلاب الأبحاث العلمية. ينبغي أن تكون هناك نسبة مئوية في البحث العلمي في الاقتباس بحيث لا يزيد عن 20% من إجمالي البحث. لأن البحث يعتمد على الجهد الشخصي في تقديم المعلومات وتحليلها؛ حيث إنه كلما زادت نسبة الاقتباس قلَّ المجهود الذاتي للباحث وأصبح بحثه مجرد تجميع لما قاله الآخرون بدون إضافة شيء جديد للبحث.
الخاتمة:
يعد الالتزام بقواعد الاقتباس في البحث العلمي دليلاً على الأمانة العلمية واحترام حقوق الملكية الفكرية. فهو يعكس قدرة الباحث على توظيف المصادر بشكل فعّال ودون الإخلال بجهده الشخصي في تقديم الإضافة الجديدة إلى مجال دراسته. الاقتباس ليس مجرد نقل للمعلومات، بل هو جزء من عملية نقدية تحليلية تساهم في إثراء البحث العلمي وتطويره. ومن هنا، يصبح من الضروري على الباحثين التحلي بالوعي الكامل بأهمية الاقتباس، وتطبيقه وفقًا للمعايير الأكاديمية المتبعة، لضمان تقديم أبحاث تساهم في دفع عجلة المعرفة الإنسانية قدمًا.