📁 آخر الأخبار

نظرية الدور في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية: مقدمة وتطبيقات

نظرية الدور في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية: مقدمة وتطبيقات

نظرية الدور في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية: مقدمة وتطبيقات
نظرية الدور في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية: مقدمة وتطبيقات


ما هي نظرية الدور؟

نظرية الدور هي واحدة من النظريات الأساسية في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية. تهتم هذه النظرية بدراسة السلوك الاجتماعي للأفراد والجماعات من خلال تحليل الأدوار الاجتماعية التي يؤدونها في المجتمع. الدور الاجتماعي هو مجموعة من التوقعات والمسؤوليات المرتبطة بموقع اجتماعي معين، مثل الأب أو الطالب أو الطبيب. الأدوار الاجتماعية تحدد كيف يتفاعل الأفراد مع بعضهم البعض ومع المؤسسات الاجتماعية، وتشكل هويتهم وقيمهم ومعنى حياتهم.

الجذور التاريخية لنظرية الدور

نظرية الدور لها جذور تاريخية طويلة في علم الاجتماع، وقد ساهم في تطويرها العديد من العلماء البارزين. من بينهم:

ماكس فيبر ونظرية التنظيم الاجتماعي والاقتصادي

ماكس فيبر (1864-1920)، هو أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث، والذي درس العلاقة بين الأدوار الاجتماعية والتنظيم الاجتماعي والاقتصادي، وأظهر كيف تؤثر الأدوار على السلطة والهيمنة والتضامن في المجتمع. في كتابه “نظرية التنظيم الاجتماعي والاقتصادي”، قدم فيبر مفهوم “العقلانية” كعامل رئيسي في تشكيل الأدوار الاجتماعية، وفرق بين أربعة أنواع من العقلانية: العقلانية الفعلية، وهي القدرة على تحقيق الأهداف بأقل تكلفة ممكنة، والعقلانية القيمية، وهي الالتزام بالقيم والمبادئ المطلقة، والعقلانية العاطفية، وهي الاندفاع بالمشاعر والانفعالات، والعقلانية التقليدية، وهي الالتزام بالعادات والتقاليد. فيبر أوضح كيف تؤثر هذه الأنواع المختلفة من العقلانية على تشكيل الأدوار الاجتماعية في مجالات مختلفة، مثل الدين والسياسة والقانون والاقتصاد.

هانز كيرث ورايت ميلز ومفهوم الطباع والبناء الاجتماعي

هانز كيرث (1897-1979) ورايت ميلز (1916-1962)، هما عالمان اجتماعيان أمريكيان، قدما مفهوم “الطباع والبناء الاجتماعي”، والذي يشير إلى أن الأدوار الاجتماعية ليست ثابتة أو طبيعية، بل هي نتاج للتفاعل والتفاوض بين الأفراد والمجموعات. في كتابهما “الطباع والبناء الاجتماعي”، أظهرا كيف تتغير الأدوار الاجتماعية باستمرار بسبب التأثير المتبادل بين الأفراد والمجتمع، وكيف تتأثر الأدوار بالعوامل الاجتماعية والثقافية والتاريخية والنفسية. كيرث وميلز أكدا على أهمية المنظور النقدي في دراسة الأدوار الاجتماعية، ودعوا إلى التحرر من الأدوار المقيدة والمهيمنة، والابتكار في إنشاء أدوار جديدة ومناسبة.

تالكوت بارسونز ونظرية النسق الاجتماعي

تالكوت بارسونز (1902-1979)، هو عالم اجتماع أمريكي، وضع نظرية النسق الاجتماعي، والتي تصف كيف تنظم الأدوار الاجتماعية المجتمع ككل، وتحافظ على التوازن والانسجام بين مكوناته. في كتابه “النسق الاجتماعي”، قدم بارسونز مفهوم “النظام الاجتماعي”، وهو مجموعة من العناصر الاجتماعية (الأفراد والجماعات والمؤسسات) التي تتفاعل بشكل منظم ومنسق، وتتبع “القواعد” و**“الأهداف”** المشتركة. بارسونز أوضح كيف تندمج الأدوار الاجتماعية في “النسق الاجتماعي”، وهو مجموعة من “الأنماط” أو “المعايير” التي تحكم سلوك الأفراد والجماعات في النظام الاجتماعي. 

روبرت مكايفر ودور الأفراد في التغيير الاجتماعي

روبرت مكايفر (1882-1970)، هو عالم اجتماع أمريكي، ركز على دور الأفراد في تغيير الأدوار الاجتماعية والمجتمع، وأبرز العوامل التي تؤدي إلى التغيير الاجتماعي، مثل الصراع والتكيف والابتكار. في كتابه “المجتمع”، قدم مكايفر مفهوم “العمل الاجتماعي”، وهو القدرة على التأثير على الأدوار الاجتماعية والمجتمع من خلال الاختيار والإبداع والتعاون. مكايفر أوضح كيف يمكن للأفراد أن يكونوا عوامل فاعلة في تشكيل وتحويل الأدوار الاجتماعية، وكيف يمكن للأدوار الاجتماعية أن تكون مصادر تحدي وفرصة للأفراد. مكايفر أشار إلى أن التغيير الاجتماعي يحدث عندما يواجه الأفراد التناقضات والتوترات بين الأدوار الاجتماعية الموجودة والمطلوبة، وعندما يبحثون عن الحلول والبدائل لتحسين حالتهم الاجتماعية.

التطبيقات العملية لنظرية الدور في الخدمة الاجتماعية

نظرية الدور لها تطبيقات عملية في مجال الخدمة الاجتماعية، حيث تساعد الخدم الاجتماعيين على فهم مشاكل وحاجات العملاء من منظور اجتماعي، وتقديم الدعم والتدخل المناسبين لمساعدتهم على التكيف مع الأدوار الاجتماعية المطلوبة منهم أو تغييرها إذا كانت مصدرا للضغط أو الصراع أو التمييز. الخدم الاجتماعيون يستخدمون نظرية الدور لتحليل الحالة الاجتماعية للعملاء، وتحديد الأهداف والخطط لتحسينها، وتقييم النتائج والتأثيرات للتدخلات. بعض الأمثلة على التطبيقات العملية لنظرية الدور في الخدمة الاجتماعية هي:

  • مساعدة العملاء الذين يعانون من التبعية أو الإهمال أو الإساءة في الأدوار العائلية أو الزوجية أو الأبوية، وتعزيز الاستقلالية والحماية والحقوق لهم.
  • مساعدة العملاء الذين يواجهون التحولات أو الانتقالات في الأدوار الاجتماعية، مثل التقاعد أو الطلاق أو الهجرة، وتسهيل التكيف والاندماج والتغلب على الصعوبات والتحديات المرتبطة بها.
  • مساعدة العملاء الذين يعانون من التمييز أو التهميش أو الفقر بسبب الأدوار الاجتماعية المرتبطة بالجنس أو العرق أو الدين أو الصحة أو العمر، وتعزيز المساواة والعدالة والكرامة لهم.
  • مساعدة العملاء الذين يرغبون في التغيير أو الابتكار في الأدوار الاجتماعية، مثل النشاط السياسي أو العمل التطوعي أو المبادرة الاجتماعية، وتشجيع المشاركة والتأثير والقيادة لهم.

هذه هي المقالة المكتملة عن نظرية الدور في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية. أتمنى أن تكون مفيدة ومثيرة للاهتمام لك. 

تعليقات