ما فائدة الفلسفة في عالمنا المعاصر؟
ريبيكا غولدشتاين: روائية وفيلسوفة وأستاذة جامعية، عُرفت بأعمالا الروائية التي تثير موضوعات فلسفية قديمة أو معاصرة.
ما فائدة الفلسفة في عالمنا المعاصر؟. |
سُئلت (ريبيكا): “هل يمكنك أن تخبرينا قليلًا لماذا ترين أن الفلسفة يمكن أن تكون ذات فائدة في عالمنا المعاصر؟” فأجابت:
لكي نقدّر أهمية الفلسفة دعونا ندقق في الحقائق التالية: نشأت الفلسفة في العالم الإغريقي القديم في الفترة ما بين 800 إلى 200 قبل الميلاد، بالتزامن مع نشوء التقاليد الروحية والدينية التي تواصلت حتى يومنا هذا؛ الكونفوشيوسية، الطاوية، البوذية، الزرادشتية، الأديان الإبراهيمية،،، ومن الواضح أن الأسئلة الوجودية المعروفة قد واجهت الجميع ولكنها لقيت اهتمامًا واضحًا واستثنائيًا في تلك البقاع الجغرافية التي حققت درجة معقولة من التنظيم السياسي والرسوخ الإداري والاقتصادي، كما يخبرنا الأنثروبولوجي (ديفيد كرايبر). وهذا يعني أن تلك الحضارات قد تجاوزت معضلات البقاء البيولوجي البدائي، ومتى ما تضاءلت معضلات البقاء الضاغطة في الاستحواذ على اهتمام العقل البشري، تنبثق الأسئلة الخاصة بمنح وجودنا البشري سببًا ذا معنى، ولم تكن الفلسفة اليونانية تقارب مسائل الوجود الإنساني بوساطة دينية أو روحانية، بل بوسائل عقلانية وعلمانية وبشرية بالكامل، ولم تكن تلك الوسائل تنجذب إلى طغيان دوغما العامة أو الرؤية الدينية أو السلطات السياسية، ومن المثير أن تلك المسائل العقلانية هي وحدها التي حققت تقدمًا ترتب عليه كل التطور الذي نشهده اليوم. إن مجتمعنا اليوم -وبخاصة الرأسمالية منها- قد وقعت في فخ النزعة الاستهلاكية المتفشية وفي قبضة الميديا الإعلامية في محاولة لمنح الناس معنىً لحياتهم، وقد ساهمت هاتان الوسيلتان في طغيان مظاهر التمركز حول الذات، وتراجعت الموضوعات ذات الأهمية المجتمعية -مثل العدالة الاجتماعية- كثيرًا إلى الوراء؛ إن أفراد مجتمعنا اليوم قد نكصوا كثتيرًا إلى حالة من تضخيم الذات وتمجيدها تمامًا مثلما فعل الأثنيّون من قبل، وهذه الحالة هي تمامًا ما سعى (سقراط) إلى الوقوف بالضد منها عبر الفلسفة وأدواتها المعروفة، وهو ما تسبب في قتله نهاية المطاف.
ريبيكا غولدشتاين: روائية وفيلسوفة وأستاذة جامعية، عُرفت بأعمالا الروائية التي تثير موضوعات فلسفية قديمة أو معاصرة. درست ريبيكا إلى جانب زميلها توماس ناجل في جامعة برينستون، وكتبت أطروحتها بعنوان «الاختزال، والواقعية، والعقل»، ومن ثم حصلت على درجة الدكتوراه، وعادت إلى جامعة بيرنارد لتعمل كأستاذة في الفلسفة. وهناك نشرت أول رواياتها عام 1983 بعنوان «The Mind-Body Problem» (صراع العقل والجسد) وهي عبارة عن حكاية هزلية-جدية عن الخلاف بين العاطفة والعقل، وعن طبيعة عباقرة الرياضة، والصعوبات التي تواجهها النساء المثقفات، والتقاليد والهوية اليهودية. وقالت جولدشتاين أنها كتبت ذلك الكتاب «لإضفاء تفاصيل الحياة الواقعية الحميمة على معاناة المثقفين. أو بعبارة أخرى،
أردت كتابة رواية من وحي الفلسفة.»أما روايتها الثانية، «The Late-Summer Passion of a Woman of Mind (1989)»، فهي تحمل نبرة متشائمة نسبيًا. أما روايتها الثالثة - «The Dark Sister (1993)» - فهي تنحرف عن الموضوع بعض الشئ: فهي عبارة عن حكاية خيالية لفترة ما بعد الحداثة عن العائلة والمشاكل المهنية في حياة الفيلسوف ويليام جيمس. ثم أتبعتها بسلسلة من القصص القصيرة تحت عنوان «Strange Attractors (1993)»، والتي فازت بجائزة الكتاب القومي اليهودي، وحازت على لقب أبرز كتب العام من جريدة نيويورك تايمز.[13] ومن ثم استعانت جولدشتاين ببعض الشخصيات الخيالية في أحد قصصها القديمة حتى يتقمصن الشخصيات الرئيسية في روايتها التالية «Mazel (1995) » [14] والتي فازت بجائزة الكتاب القومي اليهودي، وجائزة إدوارد لويس والأنت لعام 1995.
وفي عام 1996 حازت جولدشتاين على زمالة ماكآرثر، وتبع ذلك صدور رواية «Properties of Light» (خصائص الضوء) عام 2000، وهي قصة أشباح تتحدث عن الحب والخيانة، والفيزياء الكمية. أما أحدث رواياتها، «36 Argument for the Existence of God: A Work of Fiction (2010)» (36 حجة تدعم فكرة وجود إله)، فهي تناقش الجدال القائم حول الدين والمنطق عن طريق حكاية عالم نفس الذي كتب أكثر الكتب مبيعًا عن فكرة الإلحاد، بينما تتخلل حياته عدة مظاهر دينية بطابع علماني مثل العيسوية (بالإنجليزية: Messianism، وهو الاعتقاد بمجئ المسيح المخلص)، والاعتقاد بوجود ذكاء إلهي، والسعى وراء الخلود. ويحتوي الكتاب على ملحق مطول منسوب إلى بطل القصة، ويحتوي بدوره على شرح مفصل لـ36 حجة تدعم وجود إله إلى جانب الحجة المضادة لكل واحدة منهن.
وقد اختارتها الإذاعة الوطنية العامة (NPR) كواحدة من بين «أفضل 5 كتب لعام 2010» وكذلك التحقت الرواية بقائمة أفضل كتب خيالية لعام 2010 من صحيفة Christian Science Monitor (أو مرصد العلوم المسيحية)وفي عام 2014 نشرت كتاب «Plato at the Googleplex: Why Philosophy Won't Go Away» الذي يستكشف الجذور التاريخية والأهمية المعاصرة للفلسفة. ويتنقل الكتاب بين مواضيع مختلفة: فالفصول الأولى تناقش مسألة الحياة والوجود، ثم تنتقل إلى أفكار الفيلسوف أفلاطون في سياق اليونان القديمة والعصر الحديث، وكيف كان الحال لو عاش أفلاطون في القرن الواحد والعشرين، ثم يشرع الكتاب في توضيح أهمية الفلسفة عن طريق عدة مناقشات مع شخصيات معاصرة مختلفة، مثل مهندس برمجيات في جوجل، ومقدم برامج حوارية ينتمي إلى التيار المحافظ، وعالم أعصاب وجداني، وغيرهم.
وبخلاف جامعة بيرنارد، فقد قامت جولدشتاين بالتدريس في جامعة كولومبيا وروتجرز وكلية ترينيتي في هارتفورد، كونيتيكت. ومنذ عام 2014، كانت جولدشتاين أستاذة زائرة في الجامعة الحديثة للعلوم الإنسانية في لندن. وفي عام 2016 عُينت أستاذة زائرة في قسم اللغة الإنجليزية في جامعة نيويورك. وقد حازت على زمالات زيارة في معهد رادكليف، وجامعة برانديز، ومعهد سانتا فيه، وجامعة ييل، وكلية دارتموث. وفي عام 2011، ألقت جولدشتاين محاضرة عن الإنسانيات في جامعة ييل بعنوان « The Ancient Quarrel: Philosophy and Literature » (الخصام السحيق: عن الفلسفة والأدب). وهي عضوة في مجلس القيم التابع لمنتدى الاقتصاد العالمي وهي أيضًا عضوة في اللجنة الاستشارية للاتحاد العلماني الأمريكي (Secular Coalition for America).