مدخل الى الفلسفة - د.عبد المجيد الجوزي
مقدمة:
إن أول سؤال يطرحه طالب الفلسفة هو: ما هي الفلسفة.
ولذا نريد في هذا المدخل تعريف الفلسفة حتى يستطيع الطالب من خلال التعريف أن يميزها عن غيرها من الميادين والعلوم. وبعد التعريف نتطرق إلى الحديث عن طبيعة المسائل التي تتناولها الفلسفة، والمنهج الذي تتناول به تلك المسائل.
ثم التعرف بعد ذلك إلى خصائص الفلسفة، وأصولها، وعلاقاتها بباقي المعارف والعلوم، وننهي هذه المحاضرات بالحديث عن قيمة الفلسفة ووظائفها. وقد حاولنا من خلال هذه المحاضرات أن نوقف طلبة السنة الأولى على ألف باء الفلسفة بأسلوب مبسط يميط اللثام ويرفع عنها الإبهام، وحاولنا أن نصل بدروس الفلسفة إلى أذهانهم موطأة ممهدة، حتى تدخل القضايا الفلسفية وإشكالياتها إلى دائرة اهتمام طلبتنا وتصير جزءا من حياتهم، ليكون هذا مقدمة للدخول إلى مباحث الفلسفة وتفاصيلها لمن أراد من الطلبة التخصص فيها، ومتابعة دراساته الجامعية في قسم الفلسفة، آملين من الله العون والتوفيق لأداء ما يجب علينا بدفع عجلة العلم والمعرفة إلى الأمام.
ما هي أهمية الفلسفة؟
الفلسفة لها أهمية كبيرة في الحياة البشرية والثقافة الإنسانية بشكل عام. إليك بعض الأهميات الرئيسية للفلسفة:
- التفكير النقدي: تشجع الفلسفة الأفراد على التفكير النقدي والاستفسار بشأن الأفكار والقضايا المعقدة. تساعد في تنمية القدرة على تحليل وتقييم الأفكار والمعتقدات بمنهجية.
- البحث عن المعنى والهدف: تساعد الفلسفة البشر على البحث عن المعنى والهدف في الحياة والكون. تتناول قضايا مثل الوجود، والأخلاق، والمعرفة، والحقيقة، وتساعد في إيجاد إجابات على الأسئلة الأكثر أهمية.
- توسيع الآفاق الفكرية: تساهم الفلسفة في توسيع آفاق الفكر والتفكير، وتعزز التحليل العميق والنقاش البناء حول المواضيع المختلفة.
- البحث عن الحقيقة: تهدف الفلسفة إلى اكتشاف الحقيقة وفهم العالم بشكل أعمق وأكثر شمولًا، مما يساهم في تحسين الفهم البشري للظواهر والظروف المحيطة به.
-البحث عن القيم: تساعد الفلسفة في استكشاف وتحليل القيم والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية التي تشكل أساس السلوك الإنساني.
-المساهمة في التطور الثقافي: تعتبر الفلسفة جزءًا هامًا من التراث الثقافي للإنسانية، وتساهم في تطور المجتمعات والحضارات.
باختصار، الفلسفة هي العلم الذي يساعد الإنسان على فهم نفسه والعالم من حوله، وتحليل المفاهيم والقضايا العميقة، وتحقيق التنمية الفكرية والروحية.
بالإضافة إلى ما ذكرته سابقًا، الفلسفة تلعب دورًا هامًا في مجموعة من المجالات والجوانب الأخرى للحياة، ومن بين هذه الجوانب:
- تطوير القيادة والتفكير الابتكاري: تساعد الفلسفة القادة وصانعي القرار على تطوير التفكير الاستراتيجي والابتكاري، مما يساعد في اتخاذ القرارات الأكثر فاعلية.
-تعزيز التسامح والاحترام المتبادل: تشجع الفلسفة الاحتكام إلى الحوار والنقاش البناء بين الناس الذين قد يختلفون في آرائهم ومعتقداتهم.
-دعم تطوير الفكر العلمي والبحثي: تعزز الفلسفة العملية العلمية والبحثية وتشجع على اتباع منهجية دقيقة في استكشاف الحقائق.
-تحفيز التساؤل والاستكشاف: تشجع الفلسفة الأفراد على التساؤل والاستكشاف والبحث عن إجابات على الأسئلة العميقة حول الحياة والوجود.
- فهم التاريخ والثقافة: تساهم الفلسفة في فهم التاريخ والثقافة وكيف تؤثر على الطبيعة البشرية والأفكار والقيم.
-تشكيل الهوية الشخصية: تساعد الفلسفة الأفراد على تشكيل هويتهم الشخصية وتحديد مبادئهم وقيمهم.
- مساهمة في التعليم والتعلم: تساعد الفلسفة في تطوير مناهج التعليم والتعلم وتحفز على التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلاب.
-توجيه السياسات العامة: تساعد الفلسفة في وضع الأسس الفكرية للسياسات العامة واتخاذ القرارات الحكيمة في المجتمع.
-تحسين الحوار الثقافي والديني: تعزز الفلسفة التفاهم والحوار بين الثقافات المختلفة وتعمل على تحقيق التعايش السلمي.
- معالجة الأزمات والتحديات: تساهم الفلسفة في تقديم مفاهيم وحلول للتحديات والأزمات التي تواجه الإنسانية.
-تنمية الثقافة العلمية: تعزز الفلسفة الثقافة العلمية وتحفز على التفكير النقدي في مجالات العلوم.
-تحفيز الابتكار والتطور: تشجع الفلسفة على الابتكار والتطور في مختلف المجالات وتساهم في تحقيق التقدم البشري.
تحظى الفلسفة بأهمية كبيرة لأنها تساهم في تشكيل رؤى العالم للأفراد والمجتمعات وتؤثر في اتجاه الثقافة والمدركات والقرارات. كما تلعب دورًا حيويًا في إثراء الحوار الفكري والمعرفي وتحقيق التقدم الإنساني.
-تعزيز الوعي الذاتي: تساعد الفلسفة الأفراد على فهم طبيعة ذاتهم وتوجهاتهم وتعزز النمو الشخصي والروحي.
- تطوير القدرة على التحليل والاستدلال: تساعد الفلسفة الأفراد على تحسين قدراتهم في التحليل والاستدلال والتفكير النقدي.
تجمع الفلسفة بين العلم والفن في التفكير العميق والابتكار، وتعزز التنمية الشاملة للإنسان في مختلف جوانب الحياة.
خاتمة:
حاولنا في هذه الأوراق التعريف بالفلسفة، لا بسرد مطول ولا بعرض مقتضب لتاريخها؛ وإنما كانت نظرتنا كنظرة الطائر المحلق عاليا في الفضاء، يرى المعالم الكبرى ولا يابه بالتفاصيل.
فعرفنا الفلسفة وميزناها عن باقي ميادين المعرفة موضوعا ومنهجا وخصائص. لكننا عدنا لإقامة العلاقة بين الفلسفة والمعارف الأخرى كالدين والعلم والفن.
وإن كانت هذه الأوراق موجهة أساسا للطلبة الجامعيين المقبلين على الدراسات الانسانية لنعرفهم بـ"الفلسفة"؛ فإننا أردنا بها أن نمرّر رسالة مفادها أنه لا غنى للإنسان عن التفلسف مهما كان ميدان تخصصه. وقد يفتد قارئ فكرة حتمية "الفلسفة ولسان حاله يقول:
إنني أمضيت ردحا من حياتي بلا ،فلسفة ولا زلت أحيا مستغنيا عنها. صحيح يستخدم المصطلح الفني للفلسفة، ولم يكن مدرسا ولا طالب فلسفة في كليات الجامعة؛ إلا أنه بالتأكيد لم يفلت من التفلسف، فقد كان حتما يستخدم بطريقته ولغته الخاصة بعض الأفكار والاتجاهات الفلسفية، وكان يخوض بحر المشكلات الفلسفية دون أن يدري أن الأفكار التي يعتنقها في موضوع الحياة والكون تصنفه على أنه مثالي أو واقعي أو "برغماتي"، وتجعله شريكا في الفكر لأفلاطون أو أرسطو أو وليم جيمس..