كتاب سيكولوجية التعلق.pdf
مقدمة الكتاب:
لم تكن الدراسات الايثولوجية التي تهتم بدراسات السلوك الحيواني ذات تأثير على دراسات علم نفس النمو قبل منتصف القرن العشرين، إلا أن قراءة بولبي مسودة كونراد لورنس عام 1952، فتحت أبواب جديدة من العلم السيكولوجي، إذ قال بولبي حينها لقد حان الوقت لأتحاد مفاهيم التحليل النفسي مع مفاهيم علم السلوك الحيواني، بهدف الحصول على نتائج بحثية مثمرة جراء هذا الاتحاد. لذلك كانت هذه البداية نحو تقديم هذا العالم الفذ مفهوم التعلق في دراسات التطور الإنساني، الذي وجد أن البشر لديهم استعدادات فطرية تعمل على بقائهم وحفظ نوعهم من الانقراض، إذ يظهر التعلق كسلوك فطري يقوم به الأطفال من أجل إبقاء مقدم الرعاية إلى جانبهم ورعايتهم، مثل سلوك الابتسام والتحديق بوجه الأم وسلوك الرضاعة.. وغيرها، فنجد أن هذه السلوكيات تثير عاطفة الأم، وزيادة ارتباطها برضيعها، والاستجابة لحاجاته البيولوجية.
أثار هذا المفهوم دافعية الكثير من علماء النفس، وحاولوا تطويره، والبحث عنه في مجال العلاقات الاجتماعية المتعددة، وتوصلوا إلى أن التعلق لا يتحدد بعلاقة الرضيع مع والديه فحسب، وإنما يظهر في جميع مراحل الحياة، ويمكن أن يمتد إلى خارج الأسرة، وهذا ما تناوله الكتاب عبر فصوله الستة، إذ تضمن الكتاب مجموعة من الارتباطات العاطفية التي تتمثل بـ:
الفصل الأول: يتناول مفهوم التعلق وتطوره وأنماطه ونظرياته الأساسية.
الفصل الثاني: تناول كيفية تشكيل الطفل علاقته بأجداده، لاسيما عندما يغيب الوالدين بسبب الطلاق والسفر والموت.
الفصل الثالث: تضمن تعلق الطفل بأصدقائه، ومدى تأثير جودة الصداقة على حياة الطفل واكتسابه المهارات الاجتماعية والتعلم، وشعوره بالرفاهية.
الفصل الرابع: أهتم بدراسة تعلق الأفراد بماضيهم السابق، لاسيما عندما لا يجدون في الحاضر المتعة والراحة والاستقرار، لذلك يحتمون بالماضي من ألم الحاضر.
الفصل الخامس: ركز على تعلق الفرد الروحي بالله، إذ وجدت الدراسات أن هناك نمطين من التعلق الديني، أحدهما يميل إلى التعلق بالله وطلب حمايته ورضاء، في حين يتجنب الآخر هذه القوة المقدسة ويغضب عليها، ويصبح غير مهتم بها.
الفصل السادس: أهتم بدراسة انحراف التعلق عن مساره الطبيعي وذلك عندما ينشأ الأطفال في بيئات اجتماعية قاسية وعنيفة.
فضلا عن الفصول السابقة قام المؤلفان بوضع مجموعة من المقاييس المحلية والأجنبية في دراسة أنواع التعلق، لاعتقادهما أن توفير بعض الأدوات يمكن الباحثين الأخرين من دراسة التعلق، والتوصل إلى نتائج جديدة، تغني هذا الموضوع أو تكتشف أنماط جديدة في التعلق.
ويأمل المؤلفان أن يقدم هذا الكتاب خدمة للباحث العربي، وأن يحتوي على أضافات أصيلة في موضوع التعلق، ويملآن النواقص الموجودة في المكتبات المحلية والعربية في علم النفس، لاسيما أن الدراسات السيكولوجية قليلة، وأن بعضها مكرر من دون تقديم أي جديد للقارئ والباحث العربي.