📁 آخر الأخبار

ملخص كتاب: التغير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق - د. يوسف خضور

📘 ملخص كتاب: التغير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق — د. يوسف خضور (جامعة دمشق)

🪶 مقدمة

يُعدّ كتاب "التغير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق" للدكتور يوسف خضور من جامعة دمشق، من أهم الدراسات العربية التي تناولت مفهوم التغير الاجتماعي برؤية تحليلية تجمع بين الجانب النظري الكلاسيكي والواقع التطبيقي العربي المعاصر.
يؤكد المؤلف أن التغير الاجتماعي ليس ظاهرة عرضية أو طارئة، بل هو حقيقة وجودية تمس جميع مجالات الحياة، وأن المجتمعات الحديثة باتت تشهد تحولاً مقصودًا ومخططًا يهدف إلى التنمية والنهضة، لا مجرد تبدلات تلقائية كما في الماضي.


التغير_الاجتماعي_بين_النظرية_والتطبيق.pdf
التغير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق.

أولاً: ماهية التغير الاجتماعي ومفاهيمه

يعرّف خضور التغير الاجتماعي بأنه التحولات أو الاختلافات المتعاقبة التي تطرأ على البناء الاجتماعي (Social Structure) خلال فترة زمنية معينة (خضور، التغير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق).
ويحدد جي روشر (J. Rocher) أربع صفات رئيسية لهذه الظاهرة:

  • ظاهرة عامة تمس أسلوب حياة المجتمع وأفكاره.
  • تصيب البناء الاجتماعي ومؤسساته الأساسية.
  • محددة بالزمن، يمكن ملاحظتها وقياسها.
  • تتصف بالديمومة والاستمرارية، وليست مؤقتة.

🔹 التمييز بين المفاهيم المتقاربة:

  • التغير والتطور: التغير محايد، بينما التطور يسير باتجاه محدد متدرج نحو النمو (خضور، ص. 45).
  • التغير والتقدم: التقدم يحمل قيمة إيجابية، أما التغير فيشمل الإيجابي والسلبي معًا، مما يجعله أكثر واقعية.
  • التغير والتنمية: التنمية الاجتماعية عملية مقصودة ومخططة لإحداث تحولات بنيوية ووظيفية في المجتمع (خضور، ص. 53).
  • التغير الاجتماعي والتغير الثقافي: كل تغير اجتماعي هو ثقافي، لكن ليس كل تغير ثقافي اجتماعي بالضرورة.

ثانياً: آليات التغير وعوامله الأساسية

يبيّن المؤلف أن مصادر التغير الاجتماعي تنقسم إلى نوعين:

  • داخلية: تنشأ من داخل النسق الاجتماعي ذاته نتيجة التفاعلات البنيوية.
  • خارجية: تأتي من الخارج، نتيجة الاتصال بالمجتمعات الأخرى (خضور، ص. 88).

⚙️ أبرز آليات التغير:

الاختراع والاكتشاف:

كلاهما يولّد تحولات عميقة في البناء الاجتماعي (خضور، ص. 92).
الاكتشاف: معرفة ما كان موجودًا لكنه مجهول للإنسان.
الاختراع: ابتكار أشياء جديدة أو تطوير القائم منها.
الانتشار الاجتماعي:
قبول الأفراد للتجديد وانتشاره داخل المجتمع، ما يحول الابتكار إلى ظاهرة اجتماعية شاملة.
العوامل المؤثرة في التغير:
تشمل العوامل الإيكولوجية (البيئية)، البيولوجية، الإيديولوجية، الديموغرافية (السكانية)، التكنولوجية، والاقتصادية.
ويؤكد خضور أن التغير التكنولوجي والاقتصادي هما المحركان الأساسيان للتغير في المجتمعات العربية الحديثة (خضور، ص. 115).

ثالثاً: النظريات الكلاسيكية في تفسير التغير الاجتماعي

يقسّم خضور النظريات الكبرى في الفكر السوسيولوجي إلى ثلاث مدارس رئيسية:

1. نظريات التقدم الخطي

ترى أن التغير يسير في خط متصاعد نحو الكمال.

  • أوجست كونت: قدّم قانون الحالات الثلاث (اللاهوتية → الميتافيزيقية → الوضعية) ليفسر التطور العقلي والاجتماعي للبشرية.
  • جان جاك روسو وكوندرسيه: اعتبرا أن الوعي والعقل هما المحركان الأساسيان لتطور المجتمع (خضور، ص. 130).

2. النظريات الدائرية أو الدورية

تفسر التاريخ باعتباره سلسلة من الدورات المتكررة.

  • ابن خلدون: يرى أن عمر الدولة لا يتجاوز ثلاثة أجيال (النشأة، الازدهار، الهرم)، ثم تعود الدورة لتبدأ من جديد (خضور، ص. 138).
  • فيكو: التطور يسير في شكل لولبي، فكل دورة جديدة تعلو سابقتها من حيث النضج الثقافي.

3. النظريات التطورية العضوية

  • هربرت سبنسر: شبّه المجتمع بالكائن الحي الذي يتطور من التجانس إلى اللاتجانس، وخضوعه لقانون “البقاء للأصلح” (خضور، ص. 145).
    ويرى خضور أن هذه النظريات كانت أساساً مهماً لعلم الاجتماع التطوري، لكنها أغفلت الدور القيمي والثقافي في التغير.

رابعاً: التغير في السياق العربي والتحديات المنهجية

يشير خضور إلى أن المجتمع العربي يعيش تغيرًا سريعًا، لكنه يفتقر إلى التخطيط الاستراتيجي الشامل الذي يربط بين التغيرات الاقتصادية، والثقافية، والتعليمية في إطار قومي موحد.
ويضيف أن معظم الدراسات العربية ركزت على مظاهر التحديث الجزئي (مثل التعليم أو الصناعة)، متجاهلة الرؤية التكاملية لبناء مجتمع متغير (خضور، ص. 160).

🔍 صعوبات الدراسة المنهجية:

  • تعقيد الظاهرة الاجتماعية وصعوبة إخضاعها للقياس.
  • استحالة إعادة التجربة الاجتماعية بنفس الظروف.
  • تأثر الباحث بموقعه وأيديولوجيته، ما يحدّ من موضوعيته (خضور، ص. 172).

🧩 خامساً: رؤية المؤلف للتحول الاجتماعي في الوطن العربي

يرى خضور أن التغير الاجتماعي في المجتمعات العربية يجب أن يكون مخططًا ومقصودًا، لا عشوائيًا أو مقلدًا.
ويؤكد أن بناء اقتصاد وطني مستقل، وتنمية التعليم والثقافة العلمية، يمثلان الأساس لأي تحول اجتماعي فعّال (خضور، ص. 185).
كما يشدد على أن التكنولوجيا ليست مجرد أداة، بل قوة تغيير بنيوية تؤثر في القيم والعلاقات الاجتماعية وتعيد تشكيل البنية الثقافية برمتها.

🧭 الخاتمة

يقدّم الدكتور يوسف خضور في هذا العمل رؤية شمولية تجعل من التغير الاجتماعي عملية ديناميكية ومخططة تُدار بالوعي والتخطيط، لا بالمصادفة.
فالتحول الاجتماعي في المجتمعات العربية، برأيه، لن يتحقق إلا عبر دمج البعدين الاقتصادي والثقافي في مشروع وطني تنموي متكامل.
يُعدّ هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا للباحثين في علم الاجتماع العربي الحديث، لما يقدمه من مزج عميق بين النظرية والتطبيق، ووعي نقدي بالتحولات التي يعيشها العالم العربي اليوم.

مرجع المقال:
خضور، يوسف. التغير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق. جامعة دمشق، 2010.

هل ترغب أن أضيف إلى هذه النسخة 

 تحميل الكتاب

🧩 مقالات ذات صلة

اكتشف المزيد من التحليلات والدراسات حول التغير الاجتماعي والثقافي في العالم العربي من خلال هذه المقالات المختارة من مكتبة boukultra | شريان المعرفة:

تعليقات