كتاب رحلة في علم النفس_لكامل محمد عويضة.pdf

 رحلة في علم النفس_لكامل محمد عويضة.pdf

رغم أن علم النفس الحديث يدرس كل ما يصدر عن الفرد من

استجابات للمنبهات أو التغيرات التي تؤثر عليه من الخارج ( البيئة ) أو من الداخل ( التغيرات العضوية كالتي تحدث في حالة الجوع ) ، فإن اسم علم النفس أوحى بالاعتقاد أنه يتناول أشياء غيبية روحانية تأملية ، ولقد سعد الإنسان الفرد ورحب بهذا الاعتقاد ـ لا شعورياً ـ لأنه يخشى من معرفة نفسه أو كشف النقاب عما يدور فيها سواء لنفسه أو لغيره

والحقيقة ان علم النفس إنما هو علم يقوم على كيان راسخ من المنظريات والحقائق الممحصة ، وانه منهج للإجابة على الأسئلة المطروحة .

كما أن القول بأن هناك مدارس متعددة لعلم النفس يوحي بأن هناك خلافاً حول الموضوع الذي يتصدى لدراسته ، والحقيقة أن الخلاف بين العلماء لا يرجع إلى كيفية دراسة النفس بل هو يرجع إلى أنهم متفقون على أن يقيموا علمهم على حقائق علمية موضوعية وهذا هو لي الخلاف . هو خلاف حول المنهج لا خلاف حول الموضوع .

وسوف ندرك بعد قليل أنه منذ أن حاول علم النفس أن ينسق مفاهيمه مع العلوم الطبيعية أضحى علماً موضوعياً يقوم على التجريب ويستخدم القياس . فالكيمياء أثرت في علم النفس فجعلت علماءه يستخدمون المنهج التحليلي فأخذوا يحللون الخبرة الشعورية عند الفرد حتى وصلوا إلى اللاشعور وبرز عندهم علم النفس الارتباطي الأمر الذي أفسح المجال لمنهج تداعي الأفكار Free - association مما أدى إلى طرح السؤال التالي :

كيف يتذكر الإنسان ؟

إنه يتذكر نتيجة ارتباط الحوادث بعضها ببعض . أو ان بعضها يدعو بعضاً.

إقرأ أيضا كتاب علم النفس الحديث ونتائجة الاجتماعية pdf 

وكان الربطيون يرون أن علم النفس هو علم الشعور ، وكان منهجهم هو الاستبطان introspection إلا أنهم تخلوا عن هذا وأخذوا يدرسون السلوك فأضحوا بهذا موضوعين تجريبيين خاضعين لمقتضيات التجريب واهتموا بعد هذا بدراسة المثير والاستجابة وأيضاً تأثر علم النفس بالفسيولوجيا علم وظائف الأعضاء فأنشأ فونت معمله . ودرس ابنجهاوس عملية التذكر وكانت مدخلاً لدراسة التعلم

والتذكر والحفظ ثم قامت دراسات الإحساسات وما يتصل بها من إدراك وربطت نظرية دارون في النشوء والارتقاء بين علم نفس الحيوان وعلم نفس الإنسان .

فرغم ان اصطلاح علم النفس مشتق أصلا من الكلمة اليونانية التي تعنى العقل أو الروح Soui فإن علماء النفس أنفسهم يفضلون استخدام التعاريف التي تشير إلى السلوك ذلك أن السلوك الإنساني أو الحيواني إنما هو سلوك قابل للملاحظة كما أنه موضوعي .

والسلوك الإنساني كما هو ملاحظ ظاهرة معقدة أو هو وحدة مركبة Complet unit ودراسته تستوجب تحليله. ويمكن أن نحلل السلوك من حيث نوعه فهناك سلوك انفعالي وسلوك ذهني .. أو من حيث شدته .. فهذا سلوك عنيف وذلك سلوك هين رقيق .. أو من حيث نقاؤه فالخيال قد يختلف بالواقع والغضب الضعيف قد يشوبه الخوف ما هو السلوك ؟

هذا على ان السلوك ما هو إلا استجابة لمثير . والسلوك الإنساني هو في حقيقة الأمر مزيج من رد فعل لمثير وخبرة ذاتية بهذا المثير ، وعلى فإن مثيرات البيئة تكون ذات معنى ملطخ بذاتية الفرد يضيفها على بيئته فيجعلها أرقى من بيئة غيره من الكائنات الحية وبهذا تأتي استجابة فرد لمثير ، مختلفة عن استجابة فرد آخر لنفس المثير .

والاستجابة قد تكون معقدة ، كأن نحاول أن ندلك ساقنا في حركة أعلى وأسفل بيدنا اليمنى ونربت على رأسنا بيدنا اليسرى. أو قد تكون الاستجابة بسيطة كتقلص عضلة في جبهة الوجه كما قد تكون الاستجابة فعلاً كاغلاقك للنافذة.

لعلم النفس فروع نظرية أو بحتة Pure وأخرى تطبيقية Applied البحث أي النظري يوجه كل اهتمامه إلى زيادة المعرفة السيكولوجية بينما الفروع التطبيقية تستهدف تحقيق أغراض عملية تجريبية تطبيقية .

لذلك فإن المتخصص في علم النفس التطبيقي يهتم باستخدام المعرفة السيكولوجية للوقاية من الاضطرابات النفسية والعقلية وطرق علاجها ويتوفر على الاهتمام بمشكلات التعلم ومشكلات الصناعة وتنشئة الأطفال والاختيار المهني..

فروع علم النفس البحث أو الفروع النظرية Pure psy :

يدرس سلوك الفرد كما يتشكل خلال عملية التفاعل بينه وبين المنبهات الطبيعية Physical كما أنه يستهدف الكشف عن القوانين والمبادىء التي تفسر سلوك الإنسان الفرد السوي الراشد .

يتناول بالدراسة مراحل النمو المختلفة التي يتجاوزها الفرد في مراحل حياته وخصائص كل مرحلة ، مرحلة الرضاعة ، مرحلة  الطفولة ، مرحلة المراهقة ، مرحلة الرشد ، مرحلة الشيخوخة كذلك علاقة الطفل بوالديه . وعلى هذا فان هذا الفرع يصوغ قوانين السلوك كما تتكون خلال المنبهات المتعلقة بالمنهج العضوي ، والوصف الدقيق لشكل الوظائف النفسية ومستوى أدائها في مراحل العمر المختلفة ، ومدى اسهام عوامل الوراثة والنضج والاكتساب في ارتقاء الوظائف

يدرس الفروق بين الأفراد والجماعات في الذكاء والشخصية

والاستعدادات والمواهب الخاصة ويبين إلى أي مدى يختلفون في هذا فيما بينهم .

يدرس سلوك الفرد كما يتشكل من خلال تفاعله مع منبهات البيئة الاجتماعية وهو أيضاً يتناول بالدراسة سلوك الأفراد والجماعات في المواقف الاجتماعية والصور المختلفة للتفاعل الاجتماعي والآثار الحضارية والاجتماعية على السلوك ، والسلوك التفاعلي كالسلوك الجنسي واللغة والاتصال والاتجاهات والآراء والعلاقات الشخصية . وهذا الفرع من العلم يختلف عن علم الاجتماع الذي يتناول بالدراسة

التنظيم الاجتماعي Social Organization والمشكلات الاجتماعية . فعلماء الاجتماع يركزون اهتمامهم على الجماعات والعمليات الجماعية والقوي الاجتماعية . أما علماء النفس الاجتماعيون فيدرسون التأثيرات الاجتماعية على الأفراد .

يبحث في نشأة الأعراض العقلية والنفسية والإجرام وضعف العقل ويعمل على وضع أسس العلاج لها .

يثير هذا الفرع عدة أسئلة . محاولة الإجابة عنها مثل : هل يستطيع مع. الحيوان أن يفكر ؟ وهل يستطيع أن يتعلم وما مدى قدرته على التعلم ؟ هل يستطيع أن يتذكر ؟ هل له دوافع كدوافع الإنسان ؟ وهل يختلف ذكاء الإنسان ؟ وهل هذا الاختلاف اختلاف في الدرجة أم هو ذكاؤه عن اختلاف في النوع ؟ وعلى هذا فإن موضوعاته تقوم على المقارنة بين سلوك الإنسان والحيوان في الخبرات المبكرة والغرائز والدوافع والتعلم البسيط والسلوك الاجتماعي والسلوك الجنسي.

يستهدف دراسة الفروق الفردية وكيفية قياسها ؛ علم نفس المجتمع . Society Psy يهتم بأفراد الجماعة الذين يعانون من المشكلات النفسية بأسلوب العمل داخل الجماعات وانشاء وتطوير برامج الجماعة بهدف تحسين الصحة النفسية لأفراد هذه الجماعة.

يحاول هذا الفرع تناول تطبيقات العلوم النفسية في ميدان التعلم المدرسي ، كذلك حل المشكلات التي تنشأ في ميدان التعليم ، والتي تخص الطلبة والطالبات والمواد الدراسية وطرق التعليم ، وهو بهذا يحاول أن يستخدم نتائج البحوث والنظريات التي تظهر في فروع علم النفس النظرية والتي تخدم مجال التعلم والتعليم . فالعملية التعليمية تلحق الطالب كما تلحق المدرس . فالمدرسة تعمل على توفير الجو

المناسب الذي يحقق نمو جوانب شخصية الطالب المتعددة نفسياً واجتماعياً وخلقياً وعقلياً ، وتنمية القدرات الابداعية وإبراز الميول والاستعدادات ، واستثمار ذلك كله استثماراً يحقق هذا الهدف.