العرق والتاريخ -كلود ليفي شتراوس.pdf
العرق والتاريخ
عام 1952 نشرت الأونيسكو مجموعة من الكتيبات المكرسة لمشكلة العنصرية في العالم. من بين تلك الكتيبات واحد لكلود ليفي شتراوس بعنوان ( العرق والتاريخ) .
العرق والتاريخ -كلود ليفي شتراوس. |
ترجمة : د. سليم حداد
ملخص الكتاب:
قدم فيه محاولة مقتضبة تجاوزت موضوعها كثيراً فكانت مدخلاً لتأمل جديد حول الثقافة الغربية ، ومعنى الحضارة ، والسمة الاحتمالية للزمن التاريخي ، الخ . لقد كانت في الواقع، بعض مبادىء الفكر الحالي للمؤلف وقد تمت صياغتها ، دون تقنية مفرطة وبلغة واضحة ودقيقة دائماً . ولكن في تلك الحقبة كان ليفي - شتراوس الذي نشر لثلاث سنوات خلت كتاب ( البنى الأصلية للقرابة » Les » structures élémentaires de la parente ، معروفاً لدى المتخصصين وحسب، كان ما يزال الاستاذ ، كلود ليفي - شتراوس . أما اليوم فقد بات سيد البنيوية الذي يعرف اسمه جمهور عريض. كان تقديرنا أنه من المهم بمكان أن تعيد إلى التداول هذا الكتيب الذي فقد من المكتبات منذ عدة سنوات .
1 - العرق والثقافة
إن الحديث عن مساهمة الأعراق البشرية في الحضارة العالمية يمكن أن يتضمن بعض المفاجآت في مجموعة من الكتيبات المخصصة للكفاح ضد التعصب العنصري . قد يكون من العبث تكريس هذا القدر من الطاقة والجهد للبرهنة على أن لا شيء في الوضع الحاضر للعلم ، يسمح بتأكيد التفوق أو الدونية الثقافية لعرق من الأعراق بالنسبة الى عرق آخر ، إذا كان ذلك فقط من أجل إعادة التماسك خلسة لفكرة العرق مع إعتقادنا بأننا نبرهن أن التجمعات الاثنية الكبيرة التي تؤلف الانسانية قد أسهمت بحد ذاتها مساهمات خاصة في التراث العام .
ولكن لا شيء أبعد عن هدفنا كمثل هذه المهمة التي تؤدي فقط الى صياغة النظرية العرقية بطريقة عكسية . وعندما نسعى للتعرف على مزايا الأعراق البيولوجية من خلال الخصائص النفسانية الخاصة بها ، فإننا نبتعد بالقدر نفسه عن الحقيقة العلمية وذلك من خلال تعريفها بطريقة إيجابية أو سلبية . يقتضي ألا ننسى أن غوبينو(Gobineau) الذي جعل منه التاريخ أباً للنظريات العرقية ، لم يكن ، مع ذلك ، يدرك مسألة « تفاوت الأعراق البشرية ( بطريقة كمية وإنما بطريقة كيفية، إذ بالنسبة له ، لم تكن الأعراق الكبرى الأولى التي كانت تتألف منها البشرية في بداياتها - البيض والصفر والسود - كثيرة التفـاوت بالقيمة المطلقة وإنما هي متنوعة في قابلياتها الخاصة . إن عاهة الانحطاط تتعلق بالنسبة له بظاهرة التهجين أكثر من تعلقها بموقع كل عرق في سلّم القيم المشتركة بينها جميعاً ، وهي إذن معدة لتصيب الانسانية بكاملها.
المحكومة بتهجين مندفع أكثر فأكثر، دون تمييز بين الأعراق ، لكن الخطيئة الأصلية للانتروبولوجيا تكمن في الخلط بين الفكرة المحض بيولوجية للعرق ) وذلك مع الافتراض ، أن هذه الفكرة يمكنها ، حتى على هذه الأرضية المحدودة ، إدعاء الموضوعية ، الأمر الذي يخالفه علم الوراثة الحديث ) ، والنتاج الاجتماعي والنفساني للثقافات الانسانية . وقد كفى غوبينو(Gobineau) أن يرتكب هذه الخطيئة ليجد نفسه أسير الحلقة الجهنمية التي تؤدي من خطأ ثقافي لا يستبعد النية الحسنة ، الى التبرير غير الارادي لكل محاولات التمييز والاستغلال .